الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

معرض البحرين.. 47 عاماً من العطاء الفني

معرض البحرين.. 47 عاماً من العطاء الفني
5 أغسطس 2021 01:30

عبدالوهاب العريض

معرض البحرين السنوي ينتظره التشكيليون في مملكة البحرين كل عام، يشعرون بأنه بوصلة لأعمالهم المقبلة، فهو العرس الفني الذي درجت المملكة على إقامته منذ 47 عاماً، ولم يتوقف بل كان رئيس الوزراء الراحل الشيخ خليفة بن سلمان، رحمه الله، هو الراعي الأول والدائم للمعرض خلال 46 عاماً (1972-2020).
اختلفت المواعيد والراعي لهذا العام، فقد رحل الشيخ خليفة بن سلمان في نوفمبر 2020، وكان العالم حينها يعيش حالة من الحجر والعزل بسبب تفشي الوباء «كوفيد 19»، حتى بدأ العالم يستعيد نشاطه من جديد، لتقام المعارض الفنية ضمن الاحترازات المتبعة دولياً، وهذا ما جعل هيئة البحرين للثقافة والآثار تتخذ قرار إقامة المعرض بالتنسيق مع رئيس الوزراء وولي العهد البحريني صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد في افتتاح المعرض بتاريخ 14 يوليو الماضي، وقد أناب الشيخ عيسى بن سلمان بن حمد آل خليفة، لافتتاح النسخة السابعة والأربعين. وضم المعرض أكثر من مئة عمل فني قام بتنفيذها 57 من الفنانين البحرينيين والمقيمين في مملكة البحرين. وتتنوع أعمال المعرض ما بين رسم باستخدام خامات ومواد متعددة، وأعمال فيديو وتركيب، وتصوير فوتوغرافي، ونحت وغيرها.
«تبدّلات الماء» عنوان العمل الذي حصل على جائزة الدانة التي تقدم سنوياً في المعرض وكانت من نصيب التشكيلية مريم النعيمي، وهو عملٌ تركيبي يجمع ما بين التصوير والفيديو واقتباسات من أسطورة جلجامش.
وفاز في المركز الثاني التشكيلي أحمد عنان وكان عنوان عمله «الأسرة»، ويتكون من ثلاث لوحات متسلسلة استخدم فيها الفنان خامات متعددة على قماش. والعمل الفائز بالجائزة الثالثة كان من نصيب جمانة القصّاب التي تشارك في المعرض لأول مرة، ويتمحور عملها التركيبي حول الأعراض الجانبية للتعافي من الأمراض النفسية.

  • ‎مياسة السويدي أمام بعض لوحاتها في المعرض
    ‎مياسة السويدي أمام بعض لوحاتها في المعرض

تجارب الرواد
المشاركات كثيرة ومن بينها اختار مجموعة من الأسماء التي لفتت انتباهي أعمالهم وحضورهم هذا العام.. ومن بينهم الفنان عبدالكريم العريض مواليد 1934 الذي شارك في المعرض بثلاثة أعمال مختلفة ولكنها تحمل طبيعة العريض، حيث تميز أسلوبه في رسم الواقع بين البحر والأسواق القديمة، ولكنه في هذا المعرض قام بالتجديد من حيث الفكرة والأسلوب، فقد كان أحد أعماله المقدمة في المعرض أقرب ما يكون إلى أسلوبية «خوان ميرو» بينما تميزت الأخرى بالكولاج والدمج ما بين الصورة والعمل التشكيلي التي تتحدث عن حالة البحرين والانتقال ما بين التعليم والصناعة وناطحات السحاب التي أصبحت تغطي سماء المنامة. ومن بين الفنانين المشاركين في المعرض، ومن جيل الرواد الفنان إبراهيم أبو سعد (1954) الذي قدم عملين سادهما اللون الأزرق، كما عبّر عن ذلك في الأول بوساطة «الحمامة» في القفص المحوط بكائنات أسطورية، واللوحة الأخرى استخدم فيها رمزية «القط» التي سبق أن استخدمها في عدد من أعماله السابقة، حيث كانت حاضرة في اللوحة بشكل بارز وكانت أقرب إلى إحالات كليلة ودمنة في القصص الأسطورية، وهذا ما يجعل أعمال التشكيلي أبو سعد تأخذ عمقاً مفاهيمياً مليئاً بالرمزية الفكرية. فيما تجلّت تجربة الفنان عبدالرحيم شريف في تجسيد اللون والسيطرة على التوازن اللوني في اللوحة من خلال (الأخضر والبنفسج وما بينهما في لوحة ثالثة تحمل إحالات إنسيابية في الحركة الرمزية داخل اللوحة، وهذا ما يجعل أعمال كل من الشريف وأبو سعد تفتح مجموعة من الأسئلة الجمالية حول عمق الألوان في اللوحة.

  • ‎من أعمال عبدالكريم العريض
    ‎من أعمال عبدالكريم العريض

السويدي والشفرة التعريفية
التشكيلية الدكتورة مياسة السويدي قالت إن مشاركتها في المعرض السنوي لم تنقطع منذ عام 2012 أذ إنها تقدم في كل معرض أعمالاً مختلفة عن المعرض السابق، وأكدت أن معرض هذا العام كان مختلفاً بطبيعته لغياب الراعي الشيخ خليفة بن سلمان، الذي كان يحرص على حضور الافتتاح لما يقارب 46 عاماً، ولكن رئاسة مجلس الوزراء أنابت الشيخ عيسي بن سلمان ليفتتح المعرض، وقد أشاد بالأعمال الحديثة التي أعجبته كثيراً.
وأكدت الدكتورة السويدي رفضها لتكرار الفكرة نفسها في المعارض، كما قالت إن فكرة الأعمال التي قدمتها هذا العام نابعة من الفكرة الرئيسة التي تعمل عليها منذ عدة أعوام سابقة حول الشفرة التعريفية والهوية الإنسانية، وقدمت أول أعمال هذا المشروع عام 2016 وكان عبارة عن لوحة باركود في معرض I AM العالمي الذي أقيم في العاصمة الأردنية عمان، وانتقل بعد ذلك إلى لندن وأميركا الشمالية. وفي المعرض السنوي عام 2018 قدمت مجموعة تجاوزت العشر لوحات وكتاباً فنياً بعنوان «الساعة الخامسة والعشرون». وشاركت تلك الأعمال في بينالي فرنسا حيث قدمت معها فيديو «آرت» يتحدث عن الهوية، كما أقامت معرضاً شخصياً بنفس الأعمال في الجامعة الكاثوليكية بميلانو 2019. وتؤكد السويدي أن ثيمة الأعمال التي قدمتها خلال السنوات الماضية منبثقة من روح الإنسان والفكرة الوجودية وتحولاته في العصر الرقمي، وأن المجموعة المشاركة هذا العام تمثل الشفرة التعريفية أو «الكيو آر» بطريقة تجريدية، وقالت إننا «نعتمد كثيراً في السنوات الأخيرة على الباركود في جميع أعمالنا اليومية مما جعلها تسيطر على هويتنا الإنسانية».
وعن تجربتها الفنية أثناء الحجر أنجزت عدداً من الأعمال التي عملت عليها من دون ضغوط المعارض التي كانت تتطلب الاستعجال، كما شاركت في عدد من المعارض خلال عام 2020 ومنها معرض «الحجر الكبير» في «عمارة مطر» بمحافظة المحرق، ومعرض «شرنقة» الذي شاركت فيه إلى جانب عدد من التشكيليين العرب، وأقيمت نسخته الثالثة في البحرين، ومعرض تواصل إلى جانب عدد من التشكيليين البحرينيين، وكان الأخير خاصاً بالأعمال الطباعية والحفر على الخشب، بينما تستعد في هذه الفترة لإنجاز المزيد من الأعمال التي سيتم تقديمها ضمن المعرض الشخصي الذي سيقام في منتصف العام المقبل.

  • ‎من أعمال التشكيلية مياسة السويدي
    ‎من أعمال التشكيلية مياسة السويدي

حافظ وكراسي الملكات
التشكيلية والنحاتة عايشة حافظ تقول إن المعرض السنوي في البحرين يؤكد على اهتمام وإصرار من هيئة البحرين للثقافة والآثار على إبراز الفنون بكافة أشكالها كواجهة حضارية تعبر عن المجتمع البحريني في إطار اهتمامها بالحياة الثقافية بشكل عام، ولذا يأتي المعرض السنوي انطلاقاً من حرص الهيئة على إقامته رغم الظروف الصعبة التي يمر بها العالم بشكل أجمع. وفيما يخص أعمالها المقدمة في المعرض السنوي قالت حافظ «كانت ثلاث منحوتات عنوانها كراسي الملكات اللاتي حكمن الحضارات العريقة، بعتمتها المهيبة، لا ترى غيرهن، يرسم البياض وجوههن المحفورة: متألقات تارة، صارمات تارة ثانية، وثالثة هادئات حكيمات أنيقات، أو دواهٍ في إدارة الحُكم تارة رابعة. كلهن يتربعن على عروشهن بإجلال، ويفتلن أسرارهن بخيوط لا تكشف تفاصيل عتمتهن. إنها طواطم في التاريخ برموزها وسحرها وحروفها وطلاسمها»، وختمت حديثها قائلة «من مِنّا لم يرَ أربع ملكات مخضبات بالسواد، وأشعة الخيوط البيضاء تفضح أسرارهن؟».

الحربي: التفاعل المباشر
مدير جمعية الثقافة والفنون في شرق المملكة العربية السعودية بالدمام يوسف الحربي الذي زار المعرض أكثر من مرة كانت له وجهة نظر يقول فيها: إن ما يميّز معرض البحرين في هذه الدورة هو خصوصيات طبيعة العرض والتفاعل المباشر من خلالها والتواصل الرقمي بالمتابعة والاقتراح لأكثر من 100 عمل فنون تشكيلية بصرية من نحت اتّسم بالتوافق الفكري مع الصورة في المخيال العام من حيث التواصل بين المنحوتة والبيئة، وبينها والفنان، ورسم بدا مجدّداً من حيث اعتماد المدارس الفنية التي تمازج بين التعبيرية والتجريد.

ميرزا وامتداد التجربة
التشكيلي علي حسين ميرزا، الحائز على جائزة الدانة عام 2018 للمعرض السنوي في البحرين، تحدث عن مشاركاته في المعرض فقال «عام 2013 كانت مشاركتي الأولى بعد الانتهاء من الدراسة الجامعية، حيث توجهت بعدها بشكل جاد إلى التشكيل، وربما كانت التجربة سنوات قليلة في مسيرة شخص ممارس للفن ولكن حينها كنت أصغر المشاركين، فالمعرض السنوي يعتبر محطة مهمة في مسيرة أي فنان بحريني، ربما نستطيع القول إنه أقدم المعارض في المنطقة، فبعد سنتين تأتي النسخة الخمسون منه، وهذا ما يعني أن عمر هذا المعرض سيكون نصف قرن».
وفيما يخص المشاركات في معرض هذا العام قال إنها «كانت متنوعة ما بين اللوحة والفن المفاهيمي، حيث حصدت عن إحدى التجارب التركيبية التي قدمتها عام 2018 جائزة المعرض الكبرى في النسخة 44». وعن أعماله المقدمة هذا العام قال: «هي امتداد لتجربتي في اللوحة لم يغب الجسد عنها بعد، فهو ما زال محور أعمالي التشكيلية، تغيرت الألوان ربما بتغير المحيط حولي، الحكايات ما زالت في قالبها الدرامي الذي يتيح للمتلقي قراءة العمل من أي زاوية يشاء، وذلك انطلاقاً من الأسماء التي أختارها لأعمالي».

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©