الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

داميان هيرست.. وفتنة الألوان

هيرست يبدع إحدى لوحاته (من المصدر)
16 سبتمبر 2021 01:05

عبدالرحيم نور الدين

يعتبر الفنان البريطاني داميان هيرست، المولود سنة 1965 في بريستول، أحد نجوم الفن المعاصر الذي يمزج بين الرسم والنحت والتجهيز.. وتنصب أعماله على تيمات الحياة والموت والهشاشة وسرعة الزوال.. ويعرض هيرست بعض أعماله الموسومة بـ«أشجار الكرز المزهرة» في مؤسسة كارتيي للفن المعاصر في باريس، خلال الفترة من 6 يوليو وإلى غاية 2 يناير 2022.
إمانويل جاردوني صحفية متخصصة في كل ما يتعلق بالفنون التشكيلية، وهي تكتب لجريدة لوموند الفرنسية، وقد أجرت هذا الحوار مع داميان هيرست.

* ماذا عسى داميان هيرست الذي عاش فترة «الفنانين البريطانيين الشباب»، في بداية سنوات 1990، يقول لو زار هذا المعرض الزهري جداً؟ هل سيتعرف إلى ذهنيته وتطلعاته؟.
- نعم، لطالما رسمت ورغبت في الرسم بهذا الشكل، ولكن ذلك لم يكن موضة حينها، أردت البرهنة على أن انخراطي في العالم كان أقوى مما كان يستطيع التصوير الصباغي إظهاره، واتجهت نحو الفن المفاهيمي.. في تاريخ الفن، كان هناك تأرجح بين حقب أعلن خلالها موت التصوير الصباغي، ثم أعلن رد الاعتبار إليه: مات التصوير الصباغي، عاش التصوير الصباغي..! سيكون مثيراً للاهتمام عرض هذه اللوحات مع سمك القرش المغمور في أكواريوم مملوء بالفورمالين!.. ربما أنني لم أتغير كثيراً، وربما أن العالم تغير.. يريد كل فنان من فنه أن يعكس زمنه، ويبدو أن التصوير الصباغي صار أكثر ملاءمة وقبولاً اليوم مما كان عليه بالأمس، ويمكنني القول إن ثمة نوعاً من السحر والروحانية الخاصة بالتصوير الصباغي.. إنه يضطلع بدور في العالم منذ غابر الأزمان، حينما بدأ البشر الرسم على جدران الكهوف.

* قلت: «أريد أن يوجد في كل أعمالي عنصر استفزازي وتدخلي»، ما العنصر الاستفزازي والتدخلي في هذه السلسلة؟.
- تستحوذ هذه اللوحات على انتباهك بسبب حجمها وألوانها القوية، تخلق الشمس في هذه الأزهار شبه فتنة من الألوان، لا نمتلك وقتاً للتفكير قبل أن ينبثق ذلك، وددتُ أن أمسك به. لو رأينا نسخاً لهذه اللوحات، لقلنا إنها شبيهة بصور تستعمل لتزيين علب الشوكولاتة، ولو واجهناها، لكان الأمر مختلفاً «إنها تهجم على حواسنا، ولا يمكننا تجاهلها»، ذلك ما أردت دوماً من أعمالي، أن أجعل الناس يتوقفون للحظة بعد رؤيتها.

  • صورة من حوار هيرست  لجريدة لوموند
    صورة من حوار هيرست لجريدة لوموند

* مع «أشجار الكرز المزهرة»، هل توجد بالأحرى إلى جانب انبجاس الحياة؟.
- في الواقع، ترتبط أزهار الكرز أيضاً بالموت، ولاسيما في اليابان، لأنها مجرد شوط من دورة الحياة، الذي يذكر بقِصر مدة وجودنا.. في الحقيقة تتكلم جميع الفنون عن الموت، بما في ذلك كُرَات جيف كونز، ومساءلة الحياة هي جوهر التساؤل: من أين أتينا، ولماذا نحن هنا؟ وحتى لو ركزنا على الكائن الحي أو على السعادة، فإنه ليس بمقدورنا تجاهل الموت، والأعمال المعبرة عن الموت، كلوحات بيكون أو غويا، تغمرني بالحياة وتفتنني.

* أطلقت سلسلة «بلا نهاية» خلال التسعينيات: «سبوت باينتينغ»، وهي أصناف من شبكات النقط اللونية البسيطة.. هل كانت ترجمة لفكرة الخلود (الفني)؟.
- طورت مفهوم السلسلة اللامحدودة عندما كنت فناناً ناشئاً، ولا أريد لهذه السيرورة أن تقف، بل أتمنى لها أن تستمر حتى بعد مماتي.. آنذاك، كنت أشعر بأني خالد فنياً..!، كان المجتمع البريطاني يشهد زخماً جديداً، وكان هناك الكثير من الأمل والتفاؤل.

* عام 2017، أقمت عرضاً مزدوجاً من منحوتات غاية في الإفراط في حيز بلغت مساحته 5000 متر مربع، في مجموعة بينو في البندقية.. هل لهذا الانعطاف نحو تصوير صباغي متحرر من كل الإكراهات، صلة بهذه التجربة؟.
- كان مشروعاً ضخماً، استغرق عشرة أعوام من العمل وتطلب تدخل مئات الأشخاص، لم يكن العمل ينتهي قط.. أنتجُ وأبيع... وقبل المعرض بسنة، كان كل شيء على ما يرام، ولكن بين عشية وضحاها لم يعد لي ما أفعله، في تلك اللحظة بالتحديد تملكتني الرغبة في الرسم، وهكذا انخرطت في هذا النشاط الانفرادي إلى حد ما، ثم جاء الحجر الصحي ليغير المعطى، لم يعد لدي مساعد هذه المرة، وكانت صدمة أن أوجد في عزلة عميقة، وهكذا بدأت اللوحات تكبر.. تطابق اللوحات المعروضة في قبو مؤسسة كارتيي فترة ما قبل «كوفيد-19»، وفي الطابق الأرضي نرى أن المقاسات قد تطورت.. اضطررت إلى أن أبذل قصارى جهدي، ليل نهار تقريباً.. هذه اللوحات الكبيرة، كنت أنقلها لوحدي في المرسم.. أنا الذي يعطي في المعتاد الكثير من التعليمات، لم أكن ملتزماً جسدياً بهذا الشكل من قبل، لم أعد أفعل إلا ذلك، وبغرابة امتص الرسم كل مشاعر قلقي من «كوفيد-19» في صور إيجابية.

*.. وماذا عن مشاريعك المستقبلية؟.
- سأنكب على الكاتالوغ المدروس الخاص بأعمالي، والذي سأبثه عبر موقعي، وأعد مشروعاً آخر سيكمن في جعل الروبوتات ترسم بورتريهات بالأبيض والأسود استناداً إلى صور فوتوغرافية.. تروقني فكرة أن أُكَون مَعْرضاً من لوحات أنجزَتها روبوتات. 

* المصدر: لوموند 23 يوليو 2021

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©