الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

د. عبدالله الغذامي لـ«الاتحاد الثقافي»: الإمارات أضاءت شمعة للتسامح وسط الظلام

د. عبدالله الغذامي
23 يونيو 2022 00:59

حوار: كمال عبد الحميد - سعد عبد الراضي

احتفت مؤخراً جائزة الشيخ زايد للكتاب، التي ينظّمها مركز أبوظبي للغة العربية التابع لدائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، بالناقد والمفكر السعودي الكبير الدكتور عبدالله الغذّامي، عبر منحه لقب شخصية العام الثقافية للدورة السادسة عشرة للجائزة، مشيرة إلى مسيرته وجهوده النقدية والبحثية الطويلة «في ميدان النقد الثقافي ودراسات المرأة والشعر والفكر النقدي التي بدأت منذ منتصف الثمانينيات، والتي أحدثت نقلة نوعية في الخطاب النقدي العربي، وأسهمت مؤلفاته في بلورة حركة نقدية حول النقد الأدبي والنقد الثقافي».
وخلال تواجده وتكريمه في العاصمة أبوظبي، حاوره «الاتحاد الثقافي» حول حدث اللحظة، ومنه إلى أسئلة تضيء عبر إجابات د. الغذامي على مواقفه ورؤيته لعدد من قضايا الفكر والإبداع والنقد والثقافة.
بدايةً يتحدث د. عبدالله الغذامي عن اختياره شخصية العام الثقافية من قبل جائزة الشيخ زايد للكتاب، قائلاً: الشكر من القيم الأخلاقية ومن خصائص الإنسان الذاتية، لذا فأنا أشعر بالشكر والتقدير والابتهاج، لكن الأمر كان بالنسبة لي أعمق من ذلك بكثير، وبالنظر إلى رمزية الثقافة وهي ما ركزت عليه في كلمتي، حيث طلب مني في حفل تسليم الجوائز أن ألقي كلمة في دقيقتين، وقصر الوقت جعلني أوجز قدر الإمكان، ولقد أشرت في كلمتي إلى معنى التعددية الثقافية وربطتها بالفكرة الأساسية، وهي أن الإمارات تطرح مفهوم التسامح منذ وقت طويل، وجعلت عام 2017 عاماً للتسامح، والتسامح لا يتم إلا بالتعدية الثقافية، وهي شرط لإقامته، والتعددية تعني الاختلاف وعندما يكون الاختلاف سوياً يؤدي إلى الائتلاف وتحقيق ذلك أمر يسير ولكنه صعب.
وجائزة الشيخ زايد للكتاب تأسست من أجل تقوية هذا المعنى، حيث تجد الاختلاف والتعددية الثقافية، وفي فروعها نجد المؤلف الشاب والراسخ، والباحث والباحثة، والعربي والمستشرق، وفيها انفتاح على العلوم كلها، والجائزة غير منحازة لتيار فكري دون آخر، ولذا فإن الانتماء للجائزة هو انتماء للتعدية وفخري بها نابع من هذه الرمزية من حيث ارتباطها بالتعددية الثقافية.
ويجيب الدكتور الغذامي عن سؤال حول دور المثقفين في ترسيخ مفاهيم وقيم التسامح والتعددية الثقافية، قائلاً: المثقف منحاز منذ زمن أفلاطون، الذي وضع مفهوم الحرية والمساواة وفي الوقت ذاته قال: إن الحرية والعدالة والمساواة تكون للأقوى، وقال أيضاً: إن الحرية والمساواة شر مؤكد لأنها تساوي بين العبد والسيد، والثورة الفرنسية تقول لا حرية لأعداء الحرية، ومعنى ذلك أنها تقول إن هذا عدو الحرية فقد استعبدته.
ويضيف د. الغذامي: الأهم أن يسأل كل واحد نفسه هل أنا متسامح؟ وهل أؤمن بالتعددية أم لا؟ انظر إلى معاملتك بالمحيطين بك من أهل وموظفين لتعرف. الحروب الصليبية، والحربان العالميتان الأولى والثانية، وحرب أوكرانيا، كلها جاءت بعد 25 قرناً من الفلسفة، فالقضية أن المثقف وغير المثقف لابد أن يبدأ لديهما الوعي بالتعددية، والوعي يكون من الذات، بحيث يبحث كل إنسان داخل نفسه ويعرف علته ويتخلص منها حتى يؤمن بالتعددية. أوروبا وأميركا قالوا بالتعددية ولم يطبقوها، لأن الذي يحدث أن اجتماع الحرية والقوة يؤدي إلى الطغيان، ولذلك عندما كان العالم فيه قطبان كبيران كان توازنه أكبر، وعندما انهار الاتحاد السوفييتي، عاد الطغيان إلى أميركا وأوروبا.
ويواصل د. الغذامي: هنا السؤال: هل يحدث هذا في الإمارات، الإجابة لا، لأن الإمارات ليست دولة استعمارية ولا نووية ولا تسعى للسيطرة على العالم. الإمارات دولة توحدت بالكلمة والاتفاق، لذلك فإن الإمارات تستطيع أن تنشر التسامح وتفعل كل ما من شأنه أن يقيم التعددية الثقافية، ولقد أضاءت الإمارات شمعة للتسامح وسط الظلام. وانظر إلى مصر مثلاً فمكوناتها تكمن في مشهد الثالث من يوليو 2013، فعندما اجتمعت جميع المكونات نجحوا، لكن ماذا لو كان أحدهم غير متسامح؟ نحن لا نراهن بكلام رومانسي، ولكننا نحتفل بالمعاني، وهناك فارق بين الاحتفال بالمعاني وبين الكلام الحالم. والتسامح خطوة مزدوجة بين طرفين، الاثنان يتفقان على التسامح لأنهما يريان مصلحة في ذلك، إذا لم يكن من وراء التسامح مصلحة لا يمكن أن يستمر. التسامح يضمن الأمان، يضمن حسن الجوار، سواء في المجتمع أو بين الدول. ويجب ألا نقول إن غداً ستتحسن الأمور مرة واحدة. وعندما توقد شمعة ويقول لك أحدهم: إن الظلام موجود، قل له: أنا أوقدت شمعة، أوقد أنت الآخر شمعة.

  • خلال الحوار (تصوير: عادل النعيمي)
    خلال الحوار (تصوير: عادل النعيمي)

النقد الثقافي
ونصل في حديثنا مع الدكتور عبدالله الغذامي، إلى سؤال حول رؤيته لمفهوم النقد الثقافي الذي ارتبط باسمه وبجهوده في هذا المجال، وهل يأتي النقد الثقافي على حساب قراءة وتحليل جماليات النص؟
يقول د. الغذامي: يجب أن نلغي فكرة الجماليات، لأن الجماليات تُدرك دون حاجة لناقد، على سبيل المثال عندما تستمع إلى أم كلثوم وتطرب لها، فلست بحاجة لناقد موسيقي لكي يحلل اللحن، بل ربما إذا حلل اللحن وكشف مواطن الخلل فيه سوف تكرهه، الجماليات قيمة ذوقية، سواء في الألحان أو القصائد، والجمال موجود بالضرورة، ومنذ زمن أمرئ القيس وحتى اليوم الذي يبقى هو الجميل، والقبيح يذهب والذاكرة تزيله، الذاكرة لا تريده أصلاً.
ويضيف الدكتور الغذامي: من يعجبون بقصائد محمود درويش ليسوا بحاجة لنقاد ليشرحوا لهم قصائده، وكذلك من كانوا يستمعون لامرئ القيس لم يكونوا بحاجة لنقاد. لكن هل نحن بحاجة إلى من ينقد المجتمع والنساقيات، إلى مفكر يفكك الخطابات أم لا؟ نعم نحن بحاجة إلى ذلك. أفلاطون فكك أنظمة الحكم، وهو أول من انتقد الديمقراطية، الجميع ينتقد الديكتاتورية، لكن أفلاطون فعل العكس، لأنه انتبه لعيوب الديمقراطية، هنا يمكن أن نرى النقد الثقافي عندما ينقد السلوكيات، هذا الوعي الذي يجسده أفلاطون هو وعي ناقد ثقافي، لم يكن بالطبع يسمى هكذا، لكنني أصفه فقط.
النقد الثقافي يقرأ الظواهر، ليس ليرى أنها إيجابية، ومفيدة، والنسق أشبهه بالفيروس مقابل الصحة، ليس هناك صحة من دون فيروسات، قد نرى الجسم الصحيح خارجياً، لكن عندما تظهر عليه أعراض نعرف أن لديه علة، هكذا هي الأنساق، وفي الثقافة لا تكتشف العيوب الثقافية إلا عبر الأعراض، على سبيل المثال عندما يتكلم شخص مهم ومشهور ويقاطعه أحدهم، سنرى كيف يتصرف، كيف سيغضبه هذا الفعل، وقتها قد تظهر جاهليته، في داخل كل واحد منا جاهلي صغير، يقدر أحياناً أن يسيطر على انفعالاته، لكن يظهر ونشاهده وقت الخصومة، عندما يجن أو يغضب لحظة يسبه الآخرون. هذا الغضب الذي يظهر عليه هو إحدى لغات النسق.
وعلى سبيل المثال يقول الشاعر عندما يبدأ في تضخيم نفسه «أنَا الطّائِرُ المَحْكِيُّ وَالآخَرُ الصّدَى»، والقول للمتنبي، والواقع هنا أن كل واحد منا يقول هذا الشطر ولكن بطريقة مختلفة، لذلك من المهم على المستوي الفردي أن يعترف الإنسان أنه نسقي، ولمعرفة النسق يمتحن كل واحد نفسه، يقال مثلاً «اتق شر الحليم إذا غضب»، لماذا؟ لأن الحقيقة هي أن بداخل الحليم جاهلاً مخفياً، والمراد اتق جهالة الحكيم، وهذا نسق، فهذا الحليم يظل يقمع النسق داخله، وفي لحظة غضب ينفجر النسق في وجه الآخرين.
ويستطرد الدكتور الغذامي: نحن نعيش الأنساق، وهي مخبوءة فينا اجتماعياً ونفسياً، لكن الباحث ينظر في النصوص التي نستهلكها ونرددها، والنقد الثقافي تحليل لشخصية الثقافة، الكاتب نفسه ضحية الثقافة، ونحن كقراء أيضاً، فأنا أحفظ شعر نزار قباني عن ظهر قلب، ولكنني أعرف أنه مملوء بالأنساق، تماماً مثل حبنا للحلويات، البقلاوة على سبيل المثال نحبها ونحن نعرف أنها ترفع مستويات السكر في الدم، هذه هي الأنساق، وقد قرأنا شخصية «سي السيد» في ثلاثية نجيب محفوظ، وشاهدناها في الأفلام، وكل رجل داخله «سي السيد» بشكل أو آخر، بدرجات متفاوتة تكبر أو تصغر، وعلينا أن نتأمل شخصية «سي السيد» عند نجيب محفوظ، نتأمل كيف صنع هذا الأديب الوديع اللطيف هذه الشخصية، الواقع أنه استطاع كتابتها بهذه الدقة والاحترافية لأنها بداخله، وربما لو لم يكتبها لمارسها.

رؤية 2030 
وفي محطة أخرى من حوارنا يضيء الدكتور الغذامي على النهج السعودي في بناء الاقتصاد قائلاً:
لكي يتم بناء الاقتصاد فلابد أن يتحول المجتمع إلى مجتمع منتج، وأهم شيء في إنتاجية أي مجتمع هو أنه لا يجوز أن تكون هناك فئة من الناس تستهلك، وفئة أخري تكدح، فإذا كان هناك شاب يبحث عن وظيفة لكي يحصل على بيت ويتزوج ويربي أولاده، فلماذا لا تعمل الزوجة بدلاً من الجلوس في البيت؟ فهذه الزوجة تخرجت في الجامعة، فلماذا لا تساعد زوجها؟ من قبل كانت النساء يعملن في تخصصات طبية أو في التعليم. لقد تغير هذا الأمر، الآن الفتاة السعودية فاعلة ومنتجة، ونسب توظيف الفتيات في السعودية ارتفعت بشكل كبير جداً، كما أن نسب إنتاجيتهن عالية.
البنت في مجتمعاتنا المحافظة أفضل من الشاب في الإنفاق على العائلة، لأن الشاب يضطر للادخار لكي يتزوج ويجهز حياته المستقبلية، في حين أن الفتاة ليست مطالبة بهذا الأمر. إذاً نعود لنقول إن عمل الفتاة وإنفاقها على عائلتها، هو نوع من الحماية لهذه العائلة، كما أن هذه العائلة قبل ذلك الفعل كانت عالة على الدولة، والآن لم تعد كذلك، وهكذا تدور دورة الاقتصاد.
إن رؤية 2030 في المملكة مبنية على دولة الاقتصاد، من مجتمع يعتمد على النفط إلى مجتمع متعددة المصادر، ومن ثم إذا تأثر وضع النفط لأسباب أو أخرى، فلا ينكسر في هذه الحالة ظهر المجتمع. وتحويل المجتمع إلى مجتمع منتج يحتاج إلى مجهود كبير وشروط منها أن تهيئ هذا المجتمع للعمل، وأن توفر فرصاً للعمل، وقد أصبح الآن كل استيراد تقليدي قائماً على الشراكة، وأن يتم جزء من الإنتاج داخل المملكة، يتم تصنيعه بأيدٍ سعودية، وهذه الشراكات توفر الوظائف وتطور مهارات الشباب السعودي، وبهذه الوتيرة من المفترض أنه في عام 2030 سيكون الاقتصاد السعودي قد تغير كلياً، كما أن العقلية المجتمعية ستكون أيضاً تطورت وتغيرت من الحكي إلى الإنتاجية.
ويضيف د. الغذامي: أخطر وأهم شيء صار، هو القرار الذي كان أكبر امتحان للدولة، وهو مشروع النزاهة والمحاسبة، حيث وضعت أكبر الرؤوس في البلد في «الريتز كارلتون»، ومن يعيد ما أخذ يخرج، ومن لم يعد ما أخذ ويبغي المحكمة فليكن، ولم يجامل أحداً. ولم يكن هناك أي انتقام، كثير ممن كانوا في «الريتز كارلتون» خرجوا بعد أن ردوا ما أخذوا، وقد عادوا بعدها إلى وظائفهم ومناصبهم، وبعضهم مستشارون كبار، وهذا هو التسامح.

الإصلاح الفقهي والوعظي 
في إجابته عن سؤال حول ما تشهده المملكة العربية السعودية من قرارات إصلاحية تتعلق بالخطاب الديني، يقول الدكتور عبدالله الغذامي: هناك ما يخص الدولة في مسألة الخطاب الديني، وأعني أن هناك إصلاحاً فقهياً للمنظومة الفقهية والتشريعية، وهذا قرار دولة وعلى مستوى رفيع جداً، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، يتولى هذا الأمر بنفسه، وهو يجلس مع المشايخ وكبار العلماء، ويناقشهم في قراراتهم، ويسألهم إذا ذكروا في قضية ما رأياً، هل هذا الرأي عليه إجماع، فإذا قالوا بالخلافات، يطلب أن يذكروها، وهنا تظهر الآراء المتعددة، وهنا أيضاً يصبح السؤال أين تكون مصلحة بنية المجتمع، هل هي في التشدد أم في اليسر، وطالما أن هناك خلافاً في قضية ما، فلماذا لا أميل إلى اليسر. هذا هو المفهوم الذي طرحه الأمير محمد بن سلمان، لا أحد إطلاقاً يريد مخالفة أصول الدين، لكن إذا كان هناك رأي لفقيه من الناس يقابله رأي لفقيه آخر من الناس، والاثنان على نفس الدرجة من العلم، فلماذا ألزم نفسي بالرأي المتشدد بين الرأيين، ومن هنا فثمة تغييرات كبيرة تحدث.
هذا ما يتعلق بقرار الدولة، أما فيما يتعلق بخطاب الناس أو ما يسمى «الخطاب الوعظي» فقد تغير وسيتغير بفعل الزمن.

«يرحمنا الله» إذا لم نتجاوز طه حسين
يتحدث الدكتور الغذامي عن طه حسين بكثير من الاعتزاز والتقدير، وهو ما يطرح سؤالاً عن رؤيته لاحتفاء معرض أبوظبي الدولي للكتاب بعميد الأدب العربي ومنجزه الأدبي والفكري. حيث يجيب بقوله: احتفاء المعرض بطه حسين لفتة ذكية جداً، وأرجو أن تستمر في دورات المعرض، حيث يتم الاحتفال سنوياً بشخصية عربية أو عالمية وتنظم ندوات عنه.
ويضيف د. الغذامي: هذا احتفاء بطه حسن وتجربته، لكن إذا لم نتجاوز طه حسين، فلا خير فينا، إذا رأينا أن مرحلة طه حسين لا يمكن تجاوزها والبناء عليها «الله يرحمنا»، وأظن أن طه حسين نفسه إذا كان حياً، فإن أسوأ خبر سوف يسمعه هو أننا لا نستطيع أن نتجاوزه. نعم نحتفل به ونستعيده كما نحتفل بذاكرة الجاحظ وكما يحتفل الألمان بذاكرة جوته، ولكن يجب علينا أن نتجاوزه.

المرأة والاسترجال في اللغة
قدم الدكتور الغذامي إضافات فارقة عبر مشروعه النقدي حول المرأة واللغة، وكما أشارت جائزة الشيخ زايد للكتاب فقد: «سلطت دراسات الغذامي النقدية الضوء على دراسات المرأة وكانت دراساته فاتحة لدراسات النسوية في العالم العربي»، وفي حديثه لـ«الاتحاد الثقافي» عن حضور المرأة في اللغة والكتابة، يقول د. الغذامي:
علاقة المرأة بالكتابة والإبداع تسير في خط أمامي مستمر، ما كان ينقص المرأة هو التراكم كمنجز نسوي، والذي كان موجوداً لقرون هو التراكم الذكوري الذي احتواها، وأضعف موقفها، وجعلها تسترجل في اللغة، وفي إطار المجازات، ونظم التفكير، وبدأ التحول منذ زمن مي زيادة وباحثة البادية، فعندما كتبت باحثة البادية إلى مي زيادة تقول لها: «إذا أمرنا الرجل أن نحتجب احتجبنا، وإذا صاح الآن يطلب سفورنا أسفرنا». هذا القول يسجل وعياً خطيراً جداً، فهنا عرفت القيد، وهنا تبدأ معالجة النسق بإدراك العلة، لأن الثقافة في ذلك الوقت تحرم المرأة حتى من حق الادعاء، فلا تقول مثلاً كما قال المتنبي: «أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي» من هي لتقول ذلك، إنها لا تجرؤ على الادعاء بشيء. وحين قالت باحثة البادية «عجباً للرجل..» فهي تعني أن تطرح سؤالاً واعياً هو متى نطيع أنفسنا؟ هنا بدأ وعي المرأة، ولكن مي زيادة وباحثة البادية دفعتا الثمن لأن درجة الوعي جاءت مبكرة وتحدت القوة العظمى (الرجل)، وهذا الوعي بدأ يتقدم، ولو ظهرت الآن مي زيادة وباحثة البادية ستتعجبان مما أنجزته المرأة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©