الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

نشأة الدراما.. التراجيديا والكوميديا

نشأة الدراما.. التراجيديا والكوميديا
27 مارس 2023 02:03

هويدا الحسن (العين)

قد يرتبط المسرح عند كثير من الجمهور العربي بالكوميديا الساخرة، ظناً منه أنها أساس المسرح، لكن تاريخياً نشأت التراجيديا أولاً ثم جاءت النصوص الكوميدية في مرحلة متأخرة بعد ذلك.
ويرجع الباحث جلبير موري نشأة التراجيديا إلى نشأة المسرح نفسه في عيد ديونسيوس «إله» الزرع والأشجار والنباتات والفاكهة والخضراوات بكل أنواعها وهو في الأساطير اليونانية القديمة الذي علّم الزراعة، وبخاصة زراعة الكروم، وكانت له أعياد عدة، أهمها العيد الكبير في الربيع الذي كانت تقدم فيه رقصة الديثرامبوس التي تحتوي على أناشيد حوارية تتضمن صراعاً يتمثل في مناظرات بين الفكرة ونقيضها، وهذا هو أساس الدراما.
ولكن بعض الباحثين يرون أن ذلك يتعارض مع كثير من الحقائق التاريخية التي تشير إلى أن التراجيديا نشأت من الأغاني الجماعية التي تطورت فيما بعد على يد ثيسبس الذي ابتكر طريقة الممثل الأول، حيث كان يقوم ممثل واحد «غالباً هو ثيسبس المؤلف نفسه» بأداء كل الأدوار، مستخدماً أقنعة من الكتان ابتكرها بنفسه لتساعده على الانتقال سريعاً في أداء الشخصيات! ويعد ثيسبس هو المؤسس الحقيقي لفن التراجيديا، عند اليونان، ثم جاء أسخيليوس بعده وأدخل طريقة الممثل الثاني، وتبعه سوفوكليس، وأضاف ممثلاً ثالثاً للعروض المسرحية. 
وكلمة تراجيديا تتألف من مقطعين هما «تراجوس» أي جدي أو ماعز و«أودي» بمعنى أنشودة أو أغنية، وهو ما يجعل كلمة تراجيديا تعني أغنية الماعز، ربما إشارة إلى الأقنعة التي كانت تتخذ من جلود الماعز! وقد استمد شعراء الإغريق، عامة وشعراء التراجيديا خاصة، موضوعات مسرحياتهم من الأساطير التي كانوا يتوارثونها. ومع الوقت اتخذ الشعراء من تلك الأساطير وعاءً يصبون فيه أفكارهم وآرائهم الفلسفية. واستمدوا موضوعاتهم كذلك من التاريخ مثل مسرحية الفرس لأسخيليوس التي استمد أحداثها من الحرب اليونانية الفارسية التي اشترك فيها بصفته محارباً. كما اقتبس موضوع مسرحية بروميثوس مغلولاً من أسطورة خاصة بأحد الأبطال اليونانيين هو ثرومثيوس، وهو ما يظهر تنوع الموضوعات التي تناولتها أعمال التراجيديا، ولكنها مع ذلك لم تستمد ثيماتها من الحياة العامة والواقع الاجتماعي لليونان القديمة.

مولد الكوميديا
أما نشأة الكوميديا، فيرجح الباحثون أنها بدأت مع احتفالات ديونسيوس الصغير «عيد اللينايا»، حيث كانت تتجمع جماعات الكوموس وتلقي بالنكات وتؤدي حركات ساخرة، فكانت تلك هي اللبنة الأولى لنشأة الكوميديا على يد جماعة الكوموس، ومنها استمدت اسمها، ثم تحولت بعد ذلك إلى مسرحيات على يد الكاتب الإغريقي أريستوفانيس الذي يعد أبا الكوميديا ومؤسسها الأول.
وعلى عكس التراجيديا التي كانت تستلهم موضوعاتها من الأساطير وأبطالها من الشخصيات الأسطورية، كانت الكوميديا تتناول موضوعات إنسانية، وشخصياتها من البشر العاديين. ومع تطور الكوميديا وصفها أرسطو بأنها ذات وظيفة تصحيحية، إذ إنَّ الفنان الكوميدي يهدف إلى إظهار مرآته الداخلية أمام الناس من أجل عكس سلبياته وحماقاته، والمراد من ذلك أن يعمل المجتمع على حل تلك المشاكل التي عكسها الكوميدي عن المجتمع نفسه من خلال سلوكه.
وهكذا نجد أن نشأة الدراما بنوعيها التراجيديا والكوميديا هي نشأة ناتجة من احتفالات وطقوس دينية عند اليونان القدامى، مثلها مثل المسرح والأوبرا والعديد من الفنون الأخرى.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©