الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

سافر معي «متعطراً» إلى غراس

سافر معي «متعطراً» إلى غراس
16 يونيو 2020 00:06

نسافر معكم اليوم في موضوع له رائحة زكية وعطرة، لزيارة مدينة صغيرة اشتهرت برائحتها سواء النتنة أو العطرة، ففي إحدى رحلاتي إلى الجنوب الفرنسي، وإلى مدينة «كان» تحديداً، كان يتردد اسم مدينة «غراس» كثيراً، التي تبعد 20 كم شمال «كان» عاصمة الفن الفرنسية.
في القرن السادس عشر، اشتهرت «غراس» (Grass) بالدباغة وبصناعة قفازات النساء، التي كانت تستخدم من قبل الأسر الأرستقراطية، وبسبب رائحة الجلود الكريهة بعد الدباغة، فكروا باستخدام الأعشاب العطرية لتحسين روائح المنتجات الجلدية، وبعد تدهور نشاط الدباغة في المدينة بفعل المنافسة مع الجارة «نيس»، ركزت المدينة على صناعة العطور، وأصبحت المسيطرة على النسبة الأعلى عالمياً في توزيع العطور الأولية.
يعمل ما نسبته 10 بالمئة من سكان «غراس» في معامل العطور التقليدية، ولمناخها المعتدل المشمس، كانت منطقة مناسبة لزراعة الأزهار والنباتات التي تستعمل في صناعة العطور، مثل زهر البرتقال والياسمين واللافندر وغيرها من الزهور، كما يتواجد فيها أضخم متحف للعطور على مستوى العالم، ويستطيع الزائر تجربة مختلف أنواع العطور الأولية، وشراء ما يعجبه في تجربة فريدة من نوعها.. غراس اليوم هي مقر لثلاث من أشهر ماركات العطور في العالم وهي «فراغونار- غاليمار- مولينار».
من الرائع أن تأخذ لك جولة في المدينة التاريخية، حيث تنطلق الحافلة من مركز المعلومات الخاص بالسياح في (Palais des Congrès)، وشراء تذكرة تتيح لك التجول في معظم الأماكن التاريخية، وستلاحظ بأن المدينة متعلقة بتجارة العطور وصناعتها، من خلال المحلات المحيطة بك. 
الزيارة لأحد مصانع العطور هو أمر ضروري في «غراس»، والدخول لمعظم المصانع مجاني، وعن نفسي زرت مصنع (Fragonard)، وهو من أشهر المصانع هناك، فهو متحف ومصنع ومحل لبيع العطور وقد بناه رجل الأعمال «يوجين فوكس» في 1926 قبل الحرب العالمية الأولى، وبدأ بتشكيل العطور وبيعها للسياح واختار اسم (Fragonard)، وهو اسم رسامة شهيرة ولدت في «غراس»، أما الفريد في المصنع المذكور فهو اعتماده على 12 رائحة فقط.
أحد الأمور الغريبة التي شدتني في المصنع، وجود مهنة خاصة «بالشم»، تعتمد على الموهبة والدراسة، حيث يتم تدريس مادة «الشم» في فرنسا فقط، وفي عدد 3 جامعات واحدة منها في «غراس»، وهي مهنة نادرة، والموجودون حالياً على مستوى العالم لا يتجاوزن الـ 50 «شماماً»، وهم يتقاضون الآلاف ليقوموا بهذا العمل.
تجربة زيارة المدينة والمصنع تجربة شيقة، فكم هو رائع أن تعمل مدينة مثل «غراس» على تغيير التصور المرتبط بها، وتصبح مصدراً للعطور في العالم.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©