الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

(كنا) نسافر إلى لبنان

(كنا) نسافر إلى لبنان
11 أغسطس 2020 01:46

لبنان يا أخضر حلو عتلال يا حكاية القلب وحنين البال..
لبنان وما أدراكم ما لبنان، باريس الشرق في زمنها، سمعت عنها عبر كلمات والدتي، عندما سافرت لها في سبعينيات القرن الماضي، وكنت مندهشاً ومنبهراً بما تصفه لي من رقي وجمال وأناقة هذا البلد، لبنان التي «كان» يضعها السياح على رأس اختياراتهم لشهر عسلٍ، أو لقضاء صيفٍ أو لرحلات قصيرة في نهاية الأسبوع، للاستمتاع بجمال إطلالة الروشة، وبثقافة البلد وطعامه وعاداته، لبنان التي كانت حلماً لأي زائر.
عندما كنّا نُسافر إلى لبنان، هذا هو العنوان، وللأسف، فإن المقال يستخدم صيغة الماضي، وكم أتمنى أن أكتب مقالاً مستقبلياً بعنوان: «سافروا معي الآن إلى لبنان». يراودني إحساس غريب عندما أروي لأبنائي عن أول رحلة لها - لبنان كانت هي أول تجاربي للسفر خارج منظومة الخليج - وللأسف، فهذا الإحساس الغريب مصدره عدم قدرتي على اصطحابهم الآن، فلبنان اليوم ليست لبنان الأمس، لبنان الثقافة والسياحة والأدب والتاريخ، ليست الوجهة المفضلة في الفترة الأخيرة لاعتبارات لا أحب أن أتحدث عنها، وهذا مقال سياحي، فأنا لا أروج لزيارتها «الآن»، لأنني لا أعرف جواب السؤال الأهم الذي يوجه لي: كيف الأمان في لبنان؟
كنت متشوقاً لزيارتها لكثرة ما سمعت عنها من والدتي، كنت متلهفاً لأعيش أجواءها وثقافتها، وأجوب شوارعها ومقاهيها الثقافية، وأتعرف على شعبها، وعندما زرتها تعلقت بحبها بسبب أهلها وناسها، هم كلمة السر، فالشعب اللبناني شعبٌ مضياف ودود لطيف المعشر، ذو ابتسامة شاحبة لم يطفئها شظف العيش، شعب متعدد الطوائف والثقافات، كان في وقت من الأوقات منسجماً بطريقة كانت مضرباً للمثل حول العالم، ولكن حولته أيادي الشر من «البعض» إلى شعب فقد متعة الابتسام، وأثقلت كاهله توابع الانقسام.
كم أشتاق لجعيتا وللسولدير، وللصعود إلى فاريا ورؤية الثلج -الذي رأيته لأول مرة في لبنان- كم تتوق نفسي للنزول لجونيه وزيارة سوقها وركوب التلفريك، ما زلت أتذكر مدينة الجبيل ومبانيها العريقة، هل ستعود الأيام لكي أزور محمية جبل الشوف وتذوق العسل اللبناني، كم أشتاق لمغارة كفر حيم ومغارة عين وزين المظلومة سياحياً فـ«جعيتا» أخذت كل الصيت، هذا شوق مشوب بالقلق، فأوضاع لبنان لا تسمح للترويج لها سياحياً، فأيادي الفاسدين لعبت في كل هذه المرافق السياحية، وحولتها إلى أماكن يتجنب الناس زيارتها، فلبنان إيليا أبو ماضي وجبران خليل جبران لم يعد لها وجود الآن، وكم أعجبتني هذه الجملة التي لا أعرف قائلها: إذا سألوك عن لبنان... هو بلد بجمال يوسف، وحزن أبيه، وفساد إخوته.
وسنعود يا لبنان، عندما تعودين.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©