الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

«الجبة».. أناقة تونسية

«الجبة».. أناقة تونسية
18 سبتمبر 2020 00:13

ساسي جبيل (تونس)

رغم إقبال الشباب في تونس، كغيرهم من الشباب العربي، على الملابس العصرية، ما زالت «الجبة» التونسية من أكثر أنواع اللباس التقليدي، التي حافظت على رونقها على مرّ السنين، وتسجل حضورها في أكثر المناسبات، وخاصة منها الأعراس ومحافل الأفراح.
كما يتّخذها البعض لباساً رسمياً لهم، ويعتبرونها رمزاً للانتماء، ما جعل شخصيات عامة ترتديها في المناسبات، كما ظلت وما زالت «الجبة» مسيطرة بحضورها في أغلب حفلات الزفاف التونسية التقليدية، حيث يرتديها «العريس» ليلة زفافه، وأيضاً يوم عقد قرانه، كما يرتديها غالبيّة المدعوين من الرجال، بدلاً من البدلات العصريّة.
وإن فرضت متطلّبات العصر أنواعاً جديدة من الملابس الحديثة والعصرية والتي عادة ما تكون غربية، فإنها لم تقض على هوية اللباس التقليدي عامة، ومنه «الجبة» بالخصوص، التي كثيراً ما تسجل حضورها بكثافة، وبشكل خاص ولافت للانتباه، أثناء احتفاء التونسيين باللباس التقليدي، في اليوم الوطني للّباس التقليدي الذي خصصته السلطات التونسية منذ عقود.

ثوب فضفاض
وتعدّ «الجبّة» في تونس أعرق لباس تقليدي أجمع حوله أهالي مختلف الجهات، حيث وبقدر ما تتوفر في المناطق الشمالية، تجدها أيضاً في المناطق الجنوبية والشرقية والغربية، وفي غالبيّة أسواق المدن والقرى، ما يؤكد أن ارتداءها كما يكون في البادية أو الصحراء، يكون أيضاً في العاصمة والمدن الكبرى، ولمختلف الشرائح العمرية، دون الاقتصار على شريحة الكبار، وفي مختلف الفصول، بما في ذلك الصيف، كما في الشتاء.
ويؤكد المؤرخ الغربي، «روبار برونشفيك» في كتابه تاريخ إفريقيّة في العهد الحفصي، أنّ الجبّة ثوب فضفاض ومستطيل يعرف بهذا الاسم وجمعه جباب، وكانت تصنع من قماش ذي ألوان مختلفة، وهي في أغلب الأحيان من صوف خالص، وتعود جذوره وأصوله إلى العهد البوني، أي قبل الميلاد بثلاثة قرون.

ولمن لا يعرف «الجبة»، فهي لباس فضفاض يغطي كامل الجسم، وبه فتحة صغيرة على الصدر ذات تطريز خاص، وتلبس فوق ملابس تقليدية، مثل «البدعية» و«منتان» والسروال التقليدي الفضفاض والصدرية، كما أصبح بعض الشباب يرتدونها فوق قميص عصري يتناغم مع لونها. وكانت «الجبة» التونسية تحاك باللونين الأبيض أو الرمادي، قبل أن تصبح في عصرنا الحديث تحاك بألوان مختلفة، ومنها القريب من الأصفر والبني، والأزرق والأحمر. وتختلف أسعار «الجبة» التونسية، بحسب المواصفات التي يقترحها الزبون، وخاصة منها نوعيّة القماش المستخدم، لتتراوح ما بين 100 دولار و2300 دولار، حيث تتطلب بعد اختيار نوع القماش التفصيل والتطريز بشكل يدوي، ما يجعل أسعار «الجبة» المصنوعة من قماش الحرير، مثلاً، تكون مرتفعة، قياساً مع النوعيات الأخرى من القماش.

أسواق المدينة 
وقال التاجر سالم الغربي، وهو حرفي أيضاً بأسواق المدينة العتيقة بتونس العاصمة: إن «الجبة»، كانت وستظل رمزاً حضارياً للتونسيين، ولذلك فإنها من الصعب جداً أن تندثر، مهما غزا اللباس الغربي الأسواق التونسية، مضيفاً أن السياح الذين كانوا يتوافدون من مختلف أنحاء العالم على البلاد، وخاصة قبل الانتفاضة التي عرفتها البلاد في العام 2011، كانوا يقبلون عليها بكثافة، ولا يهتمون بارتفاع سعرها، نتيجة للرونق الخلاب الذي تتميز به عند ارتدائها.
وأشار التاجر سالم إلى أن بعض الأجانب ما زالوا وإلى اليوم يوصون أصدقاءهم من المهاجرين التونسيين بشرائها لهم، كلما حلوا بتونس، ومبرزاً أن الأفراح ومناسباتها المتعددة، وخاصة في الصيف، تجعل المقبلين على الزواج والمقربين منهم من مختلف الأعمار يقبلون على «الجبة»، بحسب السعر الذي يناسب جيوبهم، في حين ما زال الأثرياء والميسورون يشددون على شراء الجباب المرتفعة السعر، والتي عادة ما تكون رفيعة في شكلها وقماشها وحياكة تطريزها اليدوي. من جهته، قال التاجر بشير العلوي: «ما زال الكثيرون من كبار السن والأئمة والمتدينين بصفة خاصة، يحافظون على ارتداء «الجبّة» التونسية في معظم أيّامهم».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©