الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

«لوريل وهاردي».. توأم الإبداع

«لوريل وهاردي».. توأم الإبداع
23 يناير 2021 00:17

محمد قناوي (القاهرة)

«لوريل وهاردي» أشهر ثنائي كوميدي عرفته السينما العالمية طوال تاريخها، كأنهما نصفان، لا يشبه أحدهما الآخر في شيء، يكملان نواقص بعضهما، اسمان ملتصقان كالظل، لا يتركان الجمهور يذكر أياً منهما بمفرده، إذا قلت لوريل جاء هاردي، وإذا تحدثت عن الثاني حضر الأول لا أحد يهتم بتذكر أسماء أفلامهما، فقط اسميهما، وخلال ثلاثين عاماً تقريباً كان رصيدهما 107 أفلام سينمائية معاً.
«لوريل» الرجل النحيل الذي يتصرف بسذاجة مفرطة توقعه في كوارث هو وصديقه «هاردي» صاحب الشارب الدقيق الذي يشبه شارب رائد التمثيل الذي سبقه «تشارلي شابلن» الذي يبدو أكثر ذكاءً منه، لكنه يدفع دوماً ثمن تلك الصداقة في سبيل البحث عن مهنة.

بداية الفريق
كان كل من ستان لوريل «النحيل»، وأوليفر هاردي «البدين»، ممثلين استعراضيين في الولايات المتحدة الأميركية، ولكن المخرج «ليو مكاري»، رأي فيهما ثنائياً كوميدياً رائعاً ليكونا الفرقة الكوميدية «لوريل وهاردي»، وكان أول أفلامهما معاً فيلمي Duck Soup وSlipping Wives وأثارا إعجاب الجماهير بدورهما وهو ما دفع بهال روش لوضعهما معاً بفيلم Putting Pants on Philip الذي حقق نجاحاً مذهلاً ليظهر على إثر ذلك الثنائي لوريل وهاردي.
وجسد بطلا الكوميديا شخصيتي النحيل، الذي يتسم بالغباء المفرط، والبدين الذي يحاول أن يظهر ذكياً، فيما هو لا يختلف عن زميله في شيء، وقدما أدوارا تعبر عن حال رجل الشارع، حيث ظهرا بشكل دائم، وهما يحاولان البحث عن وظيفة، لكنهما يواجهان المشكلات، التي تنتهي عادة بأزمات طريفة، وتوالت الأعمال الناجحة بعد أن أحبهما الجمهور معاً، في مواقف كوميدية ومغامرات تبعث على الضحك حتى يومنا هذا، وتنوّعت الأفلام بين القصيرة والطويلة، ومنها أيضاً بالألوان، كما أن لديهما فيلماً وحيداً فاز بالأوسكار هو «صندوق الموسيقى» عام 1932 كأفضل فيلم كوميدي قصير، تدريجياً، تحوّل كل من ستان لوريل وأوليفر هاردي لصديقين مقربين، حيث تجاوزت صداقتهما استوديو التصوير لتمتد للحياة العادية وخلال مسيرتهما السينمائية المشتركة.

اليتيم المبتسم
«أوليفر هاردي» كان اسمه عند الولادة «نورفيل هاردي»، توفي أبوه بعد عام من ولادته في 18 يناير عام 1892 بالولايات المتحدة الأميركية وهو الأصغر بين خمسة أشقاء، وتوفي كذلك أخوه الأكبر أمام عينيه غرقاً، وفشل هاردي في إنقاذه، فمطبات الحياة الصعبة رافقته منذ الصغر، إذ كان يتخلّف عن المدرسة كثيراً، ولم ينجح في استكمال دراسته العسكرية، وكان اهتمامه الأول بالمسرح والموسيقى وفي الوقت الذي أرادت فيه والدته أن تجعله يدرس الفنون بشكل نظامي تخلّف عن الدروس أيضاً، وكان يفضل العمل مغنياً في المسارح مقابل بضعة دولارات، وفي بداية حياته الفنية استبدل اسمه بأوليفر، وهو الاسم الأول لأبيه، تكريماً له، كما كان يطلق عليه اسم «بيب».
كان «هاردي» مفتوناً بالفنون منذ صغره، وعندما بلغ الثامنة عشرة افتتح صالة سينما لعرض الأفلام، وكان يؤدي فيها أغلب الوظائف تقريباً لتوفير العمالة، ووقتها تأكد أن موهبته أكبر مما يراه على الشاشة، وأنه قادر على صنع أعمال فنية أفضل كثيراً مما يشاهدها الجمهور. وبعدها بدأ يقدم بعض الأدوار المسرحية، ولم يكن عائدها يكفي، فكان يعمل بأحد المصانع نهاراً، وفي 1914 قدّم أول فيلم له Outwitting Dad، ثم بعدها توالت بعض الأفلام، وكانت تسند إليه أدوار الشر، نظراً إلى ضخامة بنيانه، وحينها كان قد تزوّج من زوجته الأولى مادلين سالوشين، وخلال السنوات الأولى من العشرينيات كان ممثلاً حاضراً بقوة في عشرات الأفلام القصيرة التي مثلها لعدة استوديوهات.

ستان لوريل
ولد ستان لوريل يوم 16 من شهر يونيو سنة 1890 بمنطقة أولفيرستن بإنجلترا لعائلة مولعة بفنون المسرح وسجّل لوريل بدايته على خشبة المسرع بجلاسكو وهو في السادسة عشرة من عمره قبل أن يرافق خلال السنوات التالية متعهد المسرح البريطاني فريد كارنو أثناء جولته بالولايات المتحدة الأميركية، وقد تلقى ستان لوريل حينها تعليمات بتقليد دور تشارلي تشابلن، وبعد انتهاء الجولة قرر «لوريل» البقاء في أميركا، ليعمل في استديوهاتها، ومع اتخاذه قرار البقاء بأميركا، حصل ستان على عدد من الأدوار بأفلام ومسرحيات قبل أن يلتقي بالصديق الذي سيحقق معه الشهرة.

فترة التوهج
خلال فترة توهجهما الفني قاما بجولات عدّة، وتلقيا عروضاً ضخمة، والتقيا كبار الشخصيات، منها الملك جورج السادس، والملكة إليزابيث، وقدّما عروضاً للجمهور في أنحاء أوروبا، وهي العروض التي استمرت حتى السنوات الأولى من الخمسينيات، بينما كان آخر فيلم سينمائي لهما سوياً هو «يوتوبيا»، ليصل إجمالي عدد أفلامهما معاً إلى 107 أفلام، إذ عرض عام 1951، واستقبله النقاد استقبالاً سلبياً. وكان ظهورهما الأخير معاً على تلفزيون «بي بي سي» في 1955، إذ اتفقا بعدها على تقديم حلقات تلفزيونية بالألوان معاً، لكن هاجمهما المرض واحداً تلو الآخر، ولم يتمكّنا من إنجاز المشروع.

إرث هاردي
من إرث الفنان «أوليفر هاردي» الفني أن تقع «نجمة هاردي» في ممشى المشاهير في هوليوود في 1500 شارع فاين في هوليوود، وأدخل لوريل وهاردي في جماعة فئران الماء الكبرى، وهي جماعة خيرية تضم مجموعة الفنانين.
في عام 1999، أنتج لاري هارمون فيلم فيديو بعنوان «المغامرات الجديدة للوريل وهاردي: من أجل الحب أو المومياء»، من بطولة برونسون بينشوت وغايلارد سارتاين بدور الثنائي.
هناك متحف صغير للثنائي في مدينة هارلم مسقط رأس هاردي، والذي افتتح في 15 يوليو 2000، يحتفل بـ«أوليفر هاردي» بمهرجان في هذه المدينة في أول سبت من أكتوبر في كل عام، وهناك فيلم تناول حياتهما بعنوان «ستان وأولي»، حيث لعب الممثل الأميركي «جون سي رايلي» دور هاردي، ولعب الكوميدي الإنجليزي ستيف كوجان دور لوريل.

النهاية البائسة
نهاية الأربعينات، حملت معها نهايتهما، فكان «ستان لوريل» و«أوليفر هاردي»، يائسين وغير قادرين على كسب المال، وانتهى وجودهما على الشاشة الكبيرة لأول مرة، بعد ظهور أجهزة التلفزيون، والسينما الناطقة، وصار ينظر لهما على أنهما من الأخبار القديمة خاصة في الولايات المتحدة، وتم استبدالهما بالمنافسين الأحدث سناً وفي أحد الأيام وبينما كان «هاردي»، في أحد متاجر البقالة، دفعه رجل جانباً، وصرخ في وجهه: «ابتعد عن طريقي أيها السمين»، وكان من الصعب على الجمهور معرفته وفي محاولة يائسة لهما حوّل الثنائي نشاطهما إلى بريطانيا، حيث حاولا تقديم عروضهما في إنجلترا، وكانت جولاتهما مرهقة، واستمرت سبعة شهور، وصل فيها الأمر إلى أدائها 13 عرضاً في أسبوع واحد.

وفاء الصديق
ظهر هاردي في حياته الواقعية وكأنه دفع ثمن تصرفات كثيرة لم تكن في الحسبان، من التسرع في الزواج والفشل المتوالي، ومن عدم الاهتمام بصحته، إذ أسهمت بدانته في تفاقم أزماته المرضية، التي جاءت بدورها في نوبات قاسية جدّاً، بسبب شراهته في التدخين، إذ وصف نهمه للسجائر بأنه كان يجعله يبدو مثل المدخنة، وفي 14 سبتمبر 1956 أصيب «هاردي» بجلطة دماغية، وأصبح طريح الفراش حتى مات في 7 أغسطس 1957، عن عمر 65 سنة، وتم حرق جثته، ونثر رماده داخل مقبرة بحديقة «فالهالا» التذكارية بشمال هوليوود، ولم يحضر «لوريل» جنازة صديقه وشريكه، قائلاً: «سيفهمني بيب».
وبعد موت «هاردي»، قرر «لوريل» ترك التمثيل، ورفض العديد من العروض، ومنها فيلم «إنه عالم مجنون مجنون مجنون»، الذي حقق النجاح عام 1963، وحافظ على وعده بعدم التمثيل بعد صديقه، ومن خلال رسالة لجماهيره، أعلن لوريل أنه يشعر بالضياع دون صديقه الذي عمل معه ثلاثين سنة، حتى مات في سانتا مونيكا بكاليفورنيا في عام 1965، عن عمر يناهز 74 عاماً.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©