الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

د. شريف عرفة يكتب: أن تكون ناجحاًً.. لا وغداً!

د. شريف عرفة يكتب: أن تكون ناجحاًً.. لا وغداً!
23 يناير 2021 00:16

ترسم أدبيات التنمية الذاتية و«قصص النجاح» صورة ملائكية للشخص الناجح.. وهي صورة تخالف الحقيقة في كثير من الأحيان.. 
فكثير من الناس يتجاهلون أن سوق العمل قد يكافئ الوغد الذي لا تحدّه قيود الإنسانيات والمشاعر.. ففي دراسة (نشرت في دورية سوشيال سايكولوجي آند بيرسوناليتي ساينس) وجد الباحثون أن صفتيْ النرجسية والميكافيللية (أي حب الذات واستغلال الفرص على حساب الآخرين دون رادع أخلاقي..) صفتان ساعدتا صاحبهما في الترقي الوظيفي.. كما أن دراسة أخرى (نشرت في دورية جورنال أوف بيرسوناليتي آند سوشيال سايكولوجي) وجدت أن الرجال الأقل لطفاً، كان دخلهم أكبر بنسبة 18 % من الرجال اللطفاء الذين يراعون مشاعر غيرهم.. 
فالحقيقة.. هي أن الشركات لا تكافئ الموظف لأنه مرهف الحس، بل حين يحقق «التارجت»!
ليس من السهل تخيل النجم المحبوب وغداً.. إلا أن التقارير الصحفية تمتلئ بروايات عن وقاحة نجوم مع معجبيهم وزملائهم.. مثل «راسل كرو» الذي ألقى الهاتف على عامل بأحد الفنادق، وصاح غاضباً في جمهور برنامج تلفزيوني لأن تصفيقهم له غير متجانس.. في إحدى الفعاليات، قابلت شخصاً معروفاً توحي صورته الإعلامية بأنه إنسان لطيف جداً.. حينها كنت واقفاً مع صديق مشترك فجاء ووقف بجواري، فرحبت به -باسماً- وقلت إن بيننا أصدقاء مشتركين كثيرين، ورحت أعرفه بنفسي.. فأشاح بوجهه ليفعل شيئاً آخر متجاهلاً إياي تماماً وسط حرج أصدقائي، قبل أن يبتعد. هل الترحيب بشخص يقف بجوارك في مناسبة يتعارف فيها الناس، خطأ فادح لهذا الحد؟ سألت الأصدقاء المشتركين عن شخصيته -دون أن أحكي الموقف- فابتسمتُ لرد أحدهم بأنه «لن يكلف خاطره بالسلام عليك دون مصلحة ما» حسب تعبيره!
التصرف بتعال وعدم التقيد بمراعاة الآخرين، قد يجعل الشخص مهيب الجانب -وهو أمر يعجب بعض الناس- ويفتح له أبواباً كما عرفنا.. لكن الباحث روبرت شالديني «في كتابه الأخير Pre-Suasion» يرى أن هذا النوع من النجاح ليس دائماً.. فنموذج العمل الذي لا يتمتع أصحابه بأخلاقيات تراعي من حولهم، سيجعل اللطفاء ينفضّون عنك.. ليصبح الشخص محاطاً بعلاقات سطحية، أو بالأشخاص المنتفعين به، أو من لا يكترثون بالأخلاقيات أساساً.. وكلها علاقات غير صحية في أي مشوار مهني.
ليس كل الناجحين على هذه الشاكلة بالطبع.. حين قابلت الفنان الكبير «عادل إمام» وجدته لطيفا متواضعا بشكل مدهش، والفنان «محمد صبحي» كان شديد التهذيب والذوق.. صديقي الروائي الكبير «د.أحمد خالد توفيق» كان جم التواضع يشهد قرائه وطلابه بمواقفه النبيلة معهم.. مؤسس علم النفس الإيجابي البروفيسور «مارتن سليجمان» دعاني لتناول البيتزا في منزله، ورائد علم النفس السياسي البروفيسور «قدري حفني» شرفني بدعوة مماثلة في بيته.. 
الأمثلة كثيرة.. خلاصتها أنه ليس كل ناجح في مجاله وغداً.. لكن بعضهم كذلك!

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©