الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

«الرفاعة».. نسيج القيم في دبي

الباحث راشد بن هاشم (تصوير أفضل شام)
17 ابريل 2021 00:46

خولة علي (دبي)

فريج الرفاعة من الأحياء الشعبية القديمة في دبي، شكل نسيجه من القيم والثقافة الاجتماعية المحلية الأصيلة، ليعكس مدى ترابط وتماسك أبناء الفريج الواحد، في ظل الكثير من القصص والأحداث التي مرت عليه، وما زالت عالقة في ذاكرة أبنائه، فالفريج كان ينعم بتكاتف الأفراد وتعاونهم للتغلب على صعوبة الحياة..
الباحث راشد بن هاشم عاصر فترة مهمة من حياتها عاشها يلهو في براحة الفرجان، وبين أزقته الضيقة التي جعلت البيوت متراصة، وفي نسيج اجتماعي قوي.

ذكريات
يقول الباحث راشد بن هاشم: نشأت وتربيت في فريج الرفاعة، الذي أحمل له الكثير من الذكريات، حيث كان يعتبر مصيفاً، نظراً لوقعه بعيداً عن الساحل فينزح الأهالي إليه هربا من الحر، ولكثرة مزارع النخيل، وتوفر مياه الآبار العذبة فيه، ففي القيظ يبحث الناس عن مثل هذه الأماكن هرباً من الصيف، الذي يزداد شدة على ساحل البحر، وكان يطلق على فريج الرفاعة قديماً فريج العوان، وسمي بذلك نسبة إلى نخلة العوان، التي تتسم بطولها بين أنواع النخيل الأخرى، كما تتوزع المزارع حولها.

ويستعيد ذكرياته في فترة صباه، مشيراً إلى أن فريج الرفاعة كان مسرحاً للكثير من الظواهر الطبيعية، التي حلت في العام 1957، منها «طهف القيامة»، وهي عبارة عن رياح شديدة جداً، أقتلت «الخيام» بيوت تقليدية قديمة، من الدعون والحبال وسعف النخيل، على الرغم من تشيدها بطريقة متينة، إلا أنها لم تقوى على الثبات من شدة الرياح، فبات الناس في العراء دون مأوى، ومن الطرائف التي يذكرها، حادثة لصديق خرج من الخيمة ليتفقد سبب الأصوات القوية المنبعثة من الخارج، من شدة الرياح وتساقط البرد، وبخروجه مرت سائبة قوية، وأخذته ورمته على قمة النخلة معلقاً عليها.

سرب الجراد
لم تتوقف ذكريات الفريج عند راشد بن هاشم الذي يواصل حديثه معلقاً على موجة من الجراد حولت صباحهم إلى ليل، حيث داهم الفريج سرباً من الجراد لدرجة أنه غطى نور الشمس في الظهيرة، من كثافة الجراد وانتشاره بطريقة مخيفة، واستمر ذلك لمدة عشرة أيام، وكان وجوده مضرة على الزراعة والحشائش والنخيل ومن جانب آخر، استفاد منه الأهالي كغذاء، فقاموا بجمعة وطبخه بماء البحر في قدور، ثم تجفيفه وأخذه لبيعه في السوق، فأكله آمن، نظراً لكونه يتغذى على النباتات والحشائش، وإلى الآن الجراد يتم تناوله في كثير من الدول العربية ودول العالم، نظراً لقيمته الغذائية العالية.

الغوص
ويؤكد راشد بن هاشم تماسك وترابط الفريج، فلا مكان للغريب فيه، إلا وقد طرحت عليه تساؤلات عن حاجته، وسبب وجوده، فإذا كان عابر سبيل يكرم ويضيف، ويترك حتى يكمل طريقه، ولكن إذا بدر منه شيء كالاعتداء على أحد المنازل، فيهب أهل الفريج لنصرة صاحب المنزل، والذود عنه، وإذا كن نساء فقط، فرجال وأبناء الفريج هم سند لهن ضد أي خطر قد يتعرضن له، وبالتحديد أثناء دخول الرجال البحر لأشهر عدة فترة للغوص، وهذا من سنع الفرجان والقيم الإنسانية النبيلة التي تربوا عليها .
كما يحرص الأهالي على كرم الضيافة، ويتم وضع صينية فيها الفوالة في مكان محدد في ساحة الفريج أو براحته، فكل بيت يأتي بطبق من طعامهم وتوضع على هذه المائدة، لعابر سبيل قد يمر يتناول ما تيسر له من طعام، ثم تغطى المائدة بالمكبة ويمضي في طريقة، إلى جانب تعاون الأهالي وتكاتفهم في الأحزان والأفراح، كان سبباً في مزيد من الألفة والأخوة، ولأن تنعم الفرجان بالأمان والطمأنينة.

البيوت التقليدية
من الأحداث التي أيضاً شهد بن هاشم واقعها في فترة خمسينات القرن الماضي، في فريج الرفاعة اندلاع حريق في بيت المطوعة غريسه محفظة القرآن، حيث كانت الحرائق تنتشر بسرعة نظرا لطبيعة البيوت التقليدية البسيطة المصنوعة من مكونات النخيل، فكان الكل يفزع من أهالي الفريج للمشاركة في الإطفاء ، ومنع النيران من أن تلتهم بيوتاً أخرى.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©