عدد اليوم
خولة علي (دبي)
نُزُل القلعة الواقع بمنطقة طيبة في الفجيرة، تحده مزارع النخيل، وتتوسطه الجبال، وتجري الوديان على مقربة منه لتشق طريقها وتحوِّل الموقع إلى لوحة فنية من الطبيعة، تسافر بالمرء في رحلة إلى الماضي لتعكس تراث وثقافة أهل المنطقة، وتروي تفاصيل البيوت التقليدية التي تشكلت مواردها من البيئة المحلية. وهنا تقف البيوت شامخة منتصبة بهويتها على السفوح الجبلية متمسكة بأرضها وإرثها وتاريخها، المحفور في ذاكرة أهل المنطقة.
يعود نُزُل القلعة إلى عائلة وليد العبدولي، الذي استطاع أن يعيد ترميم المنزل ويحيي ذاكرته في مشهد يجسد علاقته الوطيدة بهويته وتراثه وماضي الأجداد، ليظهر كنموذج للبيت التقليدي للأسر الإماراتية القديمة في المناطق الشرقية، ويصبح من البيوت القليلة التي تحولت إلى نُزُل.
جماليات العمارة
الزائر لنُزُل القلعة يمكن أن يتعرف على جمالية العمارة التقليدية القديمة، ونمط البيوت التي شيدها أهل المنطقة، ومدى قدرتها على مواجهة ظروف البيئة المحلية وتقلباتها. والمكان يعبِّر عن عبق الماضي بجدرانه العتيقة التي تفوح منها رائحة الطين، لتعرف الزائر بأصالته وعمق جذوره المتشبثة بتاريخ المنطقة، فيما توزعت فراغات المنزل ووحداتها الداخلية لتفرض مزيجاً من الخصوصية على سكانه، بما يتوافق مع قيمهم وتقاليدهم.
وانطلاقاً من رغبة وليد العبدولي، تم صون هذا البيت وإحياؤه مجدداً وجعله محطة للتعرف على ثقافة وهوية أهل المنطقة ونمط عيشهم، فقد عكف على تطويره مع الحفاظ على مظهره وتصميمه المعماري القديم، وإدخال بعض التحسينات عليه كالعوازل ومصادر التهوية، حتى يتحول إلى نُزُل يعرّف السياح بنمط الحياة البسيطة في البيت الإماراتي قديماً.
4 غرف
وفقاً لحديث العبدولي فإن نُزُل القلعة يتألف من 4 غرف مطلة على فناء رحب وسطح واسع، حيث اعتاد الناس النوم فيه، هرباً من حرارة الصيف، ومنهم من اتخذها أيضا عادة للاستجمام والاسترخاء تحت ضوء القمر والنجوم المضيئة ليلاً، حيث الذكريات التي لا تهدأ. ويُعتبر الحوش القاسم المشترك في بناء وتشكيل البيوت التقليدية في الإمارات عموماً، إذ لا يخلو منه أي منزل، فهو متنفس لكل مرافق المسكن، من غرف معيشة وخدمات وأبواب ونوافذ، وهو مفتوح على الفضاء الخارجي، ما يوفر إنارة طبيعية نهاراً للغرف، وتلطيفاً لأجواء المكان.
مقتنيات تراثية
وحرص العبدولي أن تكون وحدات الأثاث ومقتنيات البيت من قطع تراثية، عرفتها البيوت قديماً واستخدمها الأهالي في حياتهم اليومية كالمشغولات السعفية وصناديق المندوس والتنك، إضافة إلى استخدام الإضاءات التقليدية كالفنر، وبعض الأجهزة القديمة التي دخلت في فترة الستينيات والسبعينيات كأجهزة التبريد والمذياع، وسواها من المقتنيات التراثية التي تصدرت المكان وزادته ألقاً.
جولات سياحية
حاول العبدولي أن يجعل الفناء أكثر بهجة ومتعة للسياح، من خلال توزيع بعض المقاعد والمراجيح الكبيرة للجلوس عليها والاستمتاع بالأجواء الجبلية، مع تقديم المأكولات والمشروبات التراثية للزوار، بالإضافة إلى عمل زيارات وجولات سياحية لبعض المرافق القريبة من المتاحف التراثية، مثل تجربة مسار وادي العبادلة وزيارة المزارع في المنطقة.
عشاق المغامرات
تظل تجربة الزيارة إلى نُزُل القلعة فريدة من نوعها، لمحبي الاستكشاف والمغامرات في المنطقة الشرقية الخلابة، ولاسيما عند المبيت في هذا االبيت التراثي، للتعرف على أسلوب حياة البيت الإماراتي القديم في أجواء مفعمة بالبساطة والسحر.
