الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

لبنان يشتعل بسبب انهيار الليرة

محتجون يقطعون الطريق السريع الرابط بين جونيه وطرابلس بالإطارات المشتعلة (أ ف ب)
13 يونيو 2020 00:09

بيروت (وكالات) 

قرّرت الحكومة اللبنانية، خلال اجتماع طارئ، أمس، ضخّ الدولار في السوق، في محاولة للجم انهيار قيمة الليرة غير المسبوق الذي أشعل الشارع اللبناني بموجة احتجاجات وقطع طرق في أنحاء البلاد الغارقة في دوامة انهيار اقتصادي متسارع. وقال وزير المالية اللبناني غازي وزني إن الدولار بدأ الانخفاض مقابل الليرة، وسينخفض أكثر.
ونزل مئات اللبنانيين إلى الشوارع ليل الخميس الجمعة في طرابلس وعكار شمالاً، وصيدا وصور جنوباً، وفي البقاع شرقاً، وفي بيروت. وأحرقوا إطارات ومستوعبات نفايات، وقطعوا طرقاً رئيسة وفرعية، وهتفوا ضد الحكومة برئاسة حسان دياب. وهتف المتظاهرون «حرامي حرامي رياض سلامة حرامي»، في إشارة إلى حاكم المصرف المركزي اللبناني، و«الشعب يُريد إسقاط النظام». وقامت قوات الأمن اللبنانية بإطلاق القنابل الدخانية لتفريق المحتجين أمام ساحة رياض الصلح في بيروت بعد إضرام المتظاهرين النار في المنطقة. 
وانضمّ عشرات الشبّان على درّاجات نارّية من منطقة خندق الغميق، إلى المتظاهرين على جسر الرينغ، وجرى «توحيد للشعارات والهتافات المطلبيّة والمعيشيّة».
وقال هيثم المشارك في التظاهرة «مطلبنا عيّشونا بكرامة»، مؤكّداً أنّ الأشغال متوقّفة ولا قدرة على شراء الضروريّات، وأنّ الناس «ما بقى قادرة تتحمّل».

  • بنك في مدينة طرابلس أحرقه المحتجون (أ ف ب)

وفي وسط العاصمة، قرب ساحة رياض الصلح، أطلقت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع لتفريق متظاهرين كانوا يُلقون حجارة. وقطع متظاهرون الطريق السريع شمال بيروت وأشعلوا إطارات.
في طرابلس، أطلق عناصر الجيش قنابل مسيلة للدموع لتفريق متظاهرين أمام فرع مصرف لبنان في المدينة، بعدما حاولوا اقتحامه، وفق الوكالة الوطنية التي أشارت إلى إصابة ثمانية أشخاص بجروح ورضوض. وقطع محتجّون طرقاً رئيسة وفرعيّة في المدينة، وألقيت قنبلة مولوتوف على فرع المصرف المركزي، بعد فشل محاولة اقتحامه.
كذلك، سُجّلت تحرّكات مماثلة في صور وصيدا، حيث أضرم محتجّون النار في مستوعبات النفايات. وفيما لا يزال سعر الصرف الرسمي مثبتاً على 1507 ليرات، حدّدت نقابة الصرافين الخميس سعر شراء الدولار بـ3890 حدّاً أدنى والبيع بـ3940 حدّاً أقصى، في خطوة بدأتها منذ أيام بالتنسيق مع الحكومة في محاولة لتثبيت سعر الصرف على 3200 ليرة. وفي مساء الخميس، أوردت وسائل إعلام محلّية أنّ سعر التداول بلغ ستّة آلاف ليرة للدولار.
وتواصل أمس قطع طرق رئيسة في مناطق عدة، وتعمل القوى الأمنية على فتحها. ويحتج المتظاهرون أيضاً على الارتفاع الجنوني في أسعار المواد الاستهلاكية وخسارة قدرتهم الشرائية.
وطلب مجلس الوزراء من الأجهزة الأمنية «التشدّد في قمع جميع المخالفات وإحالتها فوراً على المراجع القضائية المختصة»، تزامناً مع إعلان الأمن العام توقيف خمسة أشخاص يقومون بعمليات صرافة في السوق السوداء.
وقال دياب في مستهل مجلس الوزراء إن البلاد «لم تعد تحتمل خضات إضافية، ولا بدّ من اتخاذ إجراءات عملية تعطي مناعة أكبر للحكومة والدولة».
وعقد عون اجتماعاً ضمّ رئيس الحكومة حسان دياب ورئيس البرلمان نبيه بري، أعلن الأخير إثره الاتفاق على خفض سعر الصرف إلى ما دون أربعة آلاف ليرة.
ويأتي تدهور الليرة في وقتٍ تعقد فيه السلطات اجتماعات متلاحقة مع صندوق النقد الدولي أملاً بالحصول على دعم مالي يضع حدّاً للأزمة المتمادية، في حين تقترب الليرة من خسارة نحو سبعين في المئة من قيمتها منذ الخريف.

  • إطارات مشتعلة في ساحة النور بطرابلس خلال الاحتجاجات (أ ف ب)

وقال الرئيس ميشال عون أمس في مستهلّ جلسة حكومية طارئة في القصر الرئاسي، أعقبت جلسة أولى قبل الظهر، «توصلنا إلى تدبير سيبدأ تنفيذه الاثنين المقبل يقوم على تغذية السوق بالدولار من قبل مصرف لبنان، وعليه يُفترض أن يتراجع سعر الصرف تدريجياً».
 وقال عون إن خسائر النظام المالي يجب ألا يتحملها المودعون، بل الحكومة والمصرف المركزي والبنوك التجارية. ونقل، وفق تصريحات نشرها حساب الرئاسة على «تويتر»، تأكيد خبراء ماليين أنه «لا يمكن للدولار أو أي عملة أخرى أن تقفز خلال ساعات إلى هذا الحدّ، وهذا ما يبعد صفة العفوية عن كل ما حصل ويؤشر لمخطط مرسوم نحن مدعوون للتكاتف لمواجهته».
 وتسبّبت الأزمة بارتفاع معدّل التضخّم وجعلت قرابة نصف السكّان تحت خط الفقر، كما خسر عشرات الآلاف جزءاً من رواتبهم أو وظائفهم. وأقفلت مؤسسات وفنادق عريقة أبوابها.
وتعرّض عدد من فروع المصارف لتكسير واجهاته. وحاول المحتجون حرق فرع مصرف لبنان في طرابلس. ولم تتدخل القوى الأمنية لإجبار المتظاهرين على فتح الطرق كما تفعل إجمالاً.
ويقول أستاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية الأميركية عماد سلامة لوكالة فرانس برس إنّ «بعض الأطراف الموجودة في الحركة الاحتجاجية تريد إسقاط حاكم مصرف لبنان وتحميله المسؤولية عن كامل المشكلة المالية». وأعرب سلامة عن اعتقاده أن «حزب الله يسعى إلى تغيير حاكم مصرف لبنان»، فيما «أطراف متنوعة أخرى تدفع باتجاه إسقاط الحكومة، وهي القوى والناس والمجتمع المدني الذي أسقط حكومة الحريري». ونفى بري من القصر الرئاسي رداً على سؤال صحفي أي توجه «للاستغناء» عن سلامة.
وعنونت صحيفة «الأخبار» المقرّبة من حزب الله على صفحتها الأولى أمس «رياض سلامة اللعبة انتهت». وسبق للحكومة أن اشتبكت في أبريل مع سلامة الذي حمّله دياب حينها مسؤولية وصول سعر الصرف إلى أربعة آلاف. وردّ سلامة مؤكداً أن «البنك المركزي موّل الدولة ولكنه لم يصرف الأموال». 
إلى ذلك، قال الرئيس اللبناني إن مصرف لبنان المركزي سيبدأ يوم الاثنين تغذية السوق بالدولار لدعم العملة. وفي وقت سابق، قال رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري إن المستهدف هو وصول سعر الليرة مقابل الدولار إلى ما يتراوح بين ثلاثة آلاف و3200 ليرة من خلال خطوات جرى الاتفاق عليها أمس، لكنه لم يوضح ما هي. كما قال بري إن هناك اتفاقاً على مخاطبة صندوق النقد الدولي «بلغة واحدة»، في خضم خلافات بين نواب البرلمان ومسؤولي البنك المركزي والحكومة المشاركين في محادثات مع الصندوق بشأن برنامج إصلاح اقتصادي.  

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©