الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

«التايمز»: التدخل التركي في ليبيا يستهدف اليونان

تقرير «التايمز» (من المصدر)
8 سبتمبر 2020 01:35

شادي صلاح الدين (لندن)

كشفت صحيفة «التايمز» البريطانية أمس عن أن دخول النظام التركي إلى ليبيا ومساندته الدائمة لحكومة موالية للتنظيمات المتشددة هدفه تحويل هذه البلاد إلى قاعدة يمكن من خلالها مواجهة اليونان، للسيطرة على شرق البحر المتوسط، والهيمنة على حقول الغاز قبالة قبرص. وقالت في تقرير «إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لم يكتف بالضلوع المباشر في حرب تهدد مصير ملايين الليبيين، بل أرسل آلاف اللاجئين السوريين إلى ليبيا كمرتزقة للقتال هناك، في خطوة من المرجح أن تقوض الأمن وتولد رد فعل عنيفا من الجمهور الليبي». وأضافت أن الوضع في ليبيا لا يعتبر خطرا على الليبيين فقط، بل إن استمرار أنقرة في انتهاك الأعراف الدولية وحظر تصدير الأسلحة لصالح ميليشيات حكومة «الوفاق» يهدد بعواقب خطيرة، وبالتالي يجب ألا تقف الأمم المتحدة مكتوفة الأيدي، بينما تصبح ليبيا «قمرة قيادة» لزعزعة استقرار شرق البحر المتوسط وشمال أفريقيا، وكل الدول المحيطة بها.
ورغم أن التوترات التركية الحالية مع اليونان وقبرص تركز على الخلافات المستمرة حول التنقيب عن الطاقة واللاجئين، فإن الجيش التركي وضع نصب عينيه معركة قادمة مع جيرانه في الفضاء الخارجي، وذلك وفقا لما نقله موقع «نورديك مونيتور» في السويد عن وثيقة سرية من 311 صفحة كشفت عن وجود قسم عسكري تركي خاص تم إعداده بأوامر من وزير الدفاع خلوصي أكار، للتعامل فقط مع اليونان وقبرص مكلف بمراقبة تطورات الفضاء الخارجي في الدولتين. ولفتت إلى أن التوجيهات الصادرة من القيادة التركية والواردة في الوثيقة تشير إلى أن القيادة التركية قد قررت بالفعل أن الفضاء الخارجي يمكن أن يكون ساحة معركة أخرى بين تركيا وكل من اليونان وقبرص.
وتم الكشف عن الوثيقة في ملف قضية محكمة في أنقرة. وجمع الضباط الوثائق من مقر الأركان العامة خلال تحقيق في محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو 2016. وعثروا على الوثائق، بما في ذلك خطة «غزو اليونان» بالإضافة إلى وثائق سرية أخرى. وتبادل كبار القادة في هيئة الأركان العامة هذه الوثائق باستخدام نظام اتصالات بريد إلكتروني داخلي. وأشار الموقع إلى حالة من الذعر بين القادة العسكريين بسبب التداعيات المحتملة من الكشف عن هذه الوثائق.
من جهة ثانية، اتفق خبراء وباحثون في الشأن التركي على أن السياسة الخارجية لأردوغان قائمة على استعداء جيرانه والمحيطين به، ومبنية على أحلام إحياء «العثمانية الجديدة» الهادفة إلى إعادة تنشيط النفوذ في الشرق الأوسط، ولفتوا إلى أن مثل هذه الأوهام تسببت في إرهاق الجيش وخراب الاقتصاد، وهو ما أدى في النهاية إلى تراجع كبير في شعبيته الداخلية. وقال الباحث براسانا أديتيا عبر موقع «يوراسيا ريفيو»: «إن استراتيجية أردوغان لإحياء العثمانية الجديدة والتدخل في سوريا والعراق وليبيا، اصطدمت بواقع رفض جميع الدول المحيطة به لسياساته وإصرارها على التصدي لهذه الأطماع، وهو ما برز في التحركات العسكرية اليونانية لتأمين حدودها والتفاوض على شراء مقاتلات فرنسية. كما أن استعانة أردوغان بجماعة الإخوان الإرهابية لتنفيذ مخططاته في سعيه لتوسيع نفوذه، زادت من حدة عدائه في المنطقة».

من جانبه، قال المحلل السياسي الأميركي المسؤول السابق في الحكومة، دوف زاكيم، عبر صحيفة «ذي هيل» إن أردوغان حول منطقة شرق المتوسط التي طالما سادها الهدوء إلى منطقة توتر، تنظر إليها دول العالم على أنها منطقة نزاع حربي محتمل. وأوضح أن اليونان ليست وحدها التي تشعر بالقلق من عدوانية تركيا.
وتسببت سياسة الرئيس التركي في حالة إرهاق شديد في الاقتصاد والجيش، وأدى ذلك إلى ارتفاع في الركود، وهو ما أنتج مزيجاً في الداخل ساهم في خفض شعبيته إلى مستويات خطيرة. كما أن لجوءه إلى الألاعيب السياسية مثل تحويل «آيا صوفيا» إلى مسجد ما هو إلا محاولة يائسة لتعزيز شعبيته، لكن ذلك لا يضمن بقاءه السياسي على المدى الطويل، ولا يزال السؤال المطروح الذي أثاره الكاتب في نهاية مقاله «ما إذا كان أردوغان قد قضم أكثر مما يستطيع مضغه، أو إذا كان سيتمتع بقدر قليل من الحس السليم لتعديل سلوكه العدواني قبل أن يجد أن بلاده تدفع ثمناً لا تستطيع تحمله».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©