الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

مواجهات دامية في لبنان تعيد شبح «الحرب الأهلية»

انتشار مكثف لقوات الجيش اللبناني لاستعادة الأمن وتأمين المدنيين (أ ف ب)
15 أكتوبر 2021 01:36

شادي صلاح الدين، وكالات (لندن، بيروت)

قتل 6 أشخاص وأصيب ثلاثون بجروح، على الأقل، أمس، جراء إطلاق رصاص أثناء احتجاج مسلح لعناصر «حزب الله» ضد المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار، في تصعيد يُنذر بإدخال لبنان في أزمة جديدة.
وتحولت منطقة «الطيونة»، على بعد عشرات الأمتار من قصر العدل، حيث مكتب بيطار، إلى ساحة حرب شهدت إطلاق رصاص كثيفاً وقذائف ثقيلة وانتشار قناصة على أسطح أبنية، رغم تواجد وحدات الجيش وتنفيذها انتشاراً سريعاً في المنطقة، التي تعتبر من خطوط التماس السابقة خلال «الحرب الأهلية»، التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990.
جاء ذلك إثر رفض محكمة لبنانية، أمس، أحدث دعوى بحق كبير المحققين في التحقيق الخاص بانفجار مرفأ بيروت، وهو ما يسمح له باستئناف العمل.
وتعرض القاضي بيطار، خلال الأيام الأخيرة، لحملة ضغوط قادتها ميليشيات «حزب الله»، اعتراضاً على استدعائه وزراء سابقين وأمنيين لاستجوابهم في إطار التحقيقات التي يتولاها، تخللها مطالبات بتنحيته.
وجرى خلال الأسبوع تعليق التحقيق في الانفجار الكارثي، الذي وقع العام الماضي، الذي خلف ما يربو على 200 قتيل، بعد شكوى قدمها اثنان من السياسيين وقد استدعاهما بيطار لاستجوابهما، وهما من الموالين لـ«حزب الله».
وبدأ إطلاق النار بشكل مفاجئ خلال تجمع عشرات المسلحين من مناصري ميليشيات «حزب الله» و«حركة أمل» أمام قصر العدل.
وأعلن وزير الداخلية بسام مولوي، خلال مؤتمر صحافي، عن معلومات عن مقتل 6 أشخاص، فيما تحدث الصليب الأحمر اللبناني عن سقوط 5 قتلى وإصابة 30 شخصاً آخرين.
وشاهد مصور لـ«فرانس برس» مسلحين ينتمون إلى «حركة أمل» يطلقون النار في الشوارع. فيما شوهد عناصر «حزب الله» يطلقون قذائف «آر بي جيه» وتداول مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي صور تلاميذ يحتمون داخل قاعة تدريس في مدرسة قريبة. وتحت النيران، عمد مواطنون عدة، بينهم أطفال، إلى مغادرة منازلهم في منطقة الطيونة المكتظة بالأبنية السكنية. وقال سامر، أحد سكان المنطقة: «جلست ساعتين في رواق المنزل، ولا أتحمل هذه الأصوات، خصوصاً القذائف، عاودتني صدمة انفجار مرفأ بيروت».

  • عناصر «حزب الله» يطلقون الرصاص وقذائف «آر بي جيه» في «الطيونة» جنوب بيروت (أ ف ب)
    عناصر «حزب الله» يطلقون الرصاص وقذائف «آر بي جيه» في «الطيونة» جنوب بيروت (أ ف ب)

وأعلن الجيش اللبناني أنه «خلال توجه محتجين إلى منطقة العدلية تعرضوا لرشقات نارية في منطقة الطيونة- بدارو، وسارع الجيش إلى تطويق المنطقة والانتشار في أحيائها». ولم يحدد الجيش هوية الأطراف التي بدأت إطلاق الرصاص.
وحذر الجيش أن وحداته «سوف تقوم بإطلاق النار باتجاه أي مسلح يتواجد على الطرقات وباتجاه أي شخص يقدم على إطلاق النار». وناشد المدنيين إخلاء الشوارع.
وكتب المدير التنفيذي لـ«المفكرة القانونية»، المحامي نزار صاغية على «تويتر»: «لا أعرف ماذا يجري الآن.. لكن أعرف أن دم مواطنين في الشارع، وأنّ على كل من يدعي مسؤولية عامة أن يطالب مناصريه بالخروج فوراً من الشوارع.. يوم حزين جداً».
وتقود ميليشيات «حزب الله» وحليفتها «حركة أمل» الموقف الرافض لعمل بيطار. ومنذ ادعائه على رئيس الحكومة السابق حسان دياب وطلبه ملاحقة نواب ووزراء سابقين وأمنيين، تقدم أربعة وزراء معنيين بشكاوى أمام محاكم متعددة مطالبين بنقل القضية من يد بيطار، وهو ما اضطره لتعليق التحقيق في القضية مرتين حتى الآن.
وعلق بيطار، يوم الثلاثاء الماضي، التحقيق بانتظار البتّ في دعوى مقدمة أمام محكمة التمييز المدنية من النائبين الحاليين وزير المالية السابق علي حسن خليل ووزير الأشغال السابق غازي زعيتر، المنتميين لكتلة «حركة أمل».
وأفاد مصدر قضائي، أمس، بأن محكمة التمييز المدنية رفضت الدعوى على اعتبار أن الأمر ليس من صلاحيتها لأن بيطار «ليس من قضاة محكمة التمييز».
وإثر القرار، يستطيع بيطار استئناف تحقيقاته. ومن المفترض أن يحدد مواعيد لاستجواب لكل من زعيتر ووزير الداخلية السابق نهاد المشنوق، بعدما اضطر لإلغاء جلستي استجوابهما الأسبوع الحالي، إثر تعليق التحقيق.
وكان مقرراً أن تعقد الحكومة، أمس الأول، جلسة للبحث في مسار التحقيق، غداة توتر شهده مجلس الوزراء بعدما طالب وزراء «حزب الله» و«حركة أمل» بتغيير المحقق العدلي. إلا أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قرر تأجيل الاجتماع إلى موعد يحدد لاحقاً بانتظار التوصل إلى حل.
وتسبّب انفجار ضخم في الرابع من أغسطس 2020 بمقتل 214 شخصاً على الأقل وإصابة أكثر من 6500 آخرين بجروح، عدا عن دمار واسع في العاصمة. وعزت السلطات الانفجار إلى تخزين كميات كبيرة من نيترات الأمونيوم بلا تدابير وقاية. وتبين أن مسؤولين على مستويات عدة كانوا على دراية بمخاطر تخزين المادة.
ويتظاهر ذوو الضحايا باستمرار دعماً لبيطار، واستنكاراً لرفض المدعى عليهم المثول أمامه للتحقيق معهم، بينما تندّد منظمات حقوقية بمحاولة القادة السياسيين عرقلة التحقيقات، وتطالب بإنشاء بعثة تحقيق دولية مستقلة ومحايدة.
وبحسب تقرير لـ«ميدل إيست أون لاين»  أثارت تصريحات «حزب الله» ضد بيطار غضباً واسعاً بينَ أقاربِ الضحايا والجماعات الحقوقية، حيث اعتبروا تصريحاته تدخلاً سياسياً ومحاولاتٍ لتعطيلِ التحقيق، فيما وردت  تهديدات للقاضي.

ميقاتي: الأحداث انتكاسة للحكومة
أكد رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، أن هذه أحداث أمس هي «انتكاسة للحكومة لكن سنتجاوزها».
وأضاف ميقاتي في مقابلة: «لبنان يمر بمرحلة ليست سهلة بل صعبة، التشبيه كالمريض أمام غرفة الطوارئ، مع تشكيل الحكومة دخلنا غرفة الطوارئ». وتابع: «لا يزال أمامنا مراحل كثيرة للشفاء التام». وشدد ميقاتي على أن عزل قاضي التحقيق في انفجار مرفأ بيروت ليس بيد السياسيين، قائلاً: إن الحكومة لا تستطيع التدخل في عمل القضاء، لكنه دعا «الجسم القضائي، في حال وجود شائبة، إلى تنقية نفسه». وأوضح أن الجيش اللبناني أثبت قدرته على حفظ الأمن. وقال: «أعتذر من اللبنانيين عما حصل»، منوهاً بأن الاتصالات مع الجيش تفيد بتحسن الوضع الأمني. 
وأعلن رئيس الوزراء اللبناني أن اليوم الجمعة سيكون يوم حداد عام على أرواح ضحايا أحداث العنف التي شهدتها بيروت أمس. وبذلك «تُقفل جميع الإدارات والمؤسسات العامة والبلديات والمدارس الرسمية والخاصة».

دعوات دولية لضبط النفس
توالت ردود الفعل الدولية، أمس، على الأحداث الدامية التي شهدتها العاصمة اللبنانية بيروت، وخلفت عدداً من القتلى والجرحى.
وعبرت فرنسا عن قلقها إزاء أعمال العنف الدامية التي جرت في لبنان. وقالت الخارجية الفرنسية، في بيان إنها تشعر: «بقلق بالغ إزاء العرقلة الأخيرة لحسن سير التحقيق، وأعمال العنف التي وقعت»، مضيفة: إن «فرنسا تدعو جميع الأطراف إلى التهدئة». كما قدمت فيكتوريا نولاند، مساعدة وزير الخارجية الأميركي، تعازي بلاده في ضحايا الهجوم، ووعدت بتقديم أميركا دعماً إضافياً قدره 67 مليون دولار للجيش اللبناني.
ومن جهتها، دعت مصر كافة الأطراف اللبنانية إلى ضبط النفس، والابتعاد عن العنف تجنباً للفتنة، وإعلاء المصلحة الوطنية العليا للبنان، في إطار الالتزام بمحددات الدستور والقانون. 
ومن جانبه، دعا الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط، الأطراف اللبنانية كافة، إلى ضرورة ممارسة ضبط النفس، وتجنب الفتنة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©