في الوقت الذي لم تسلم فيه أي من الطوائف العمرية من تأثير وباء الكورونا الحالي، إلا أن تأثير الفيروس على فئة الأطفال اتخذ منحى مختلفاً، وربما أكثر ضرراً. فعلى الصعيد الجسدي، وبخلاف قدرة الأطفال على مقاومة العدوى بشكل أفضل من كبار السن أو من هم في منتصف العمر، تواترت مؤخراً التقارير عن ظهور حالات بين الأطفال مصابة بنوع من الالتهاب الشديد في عدد من أجهزة الجسم، مشابهة لمرض آخر خطير (Kawasaki disease) يصيب الأوعية الدموية وقد يؤدي للوفاة، وتظهر أعراضه في شكل حمى، وطفح، وانخفاض ضغط الدم، وصعوبة التنفس، والتي يعتقد البعض أنها ربما تكون مرتبطة بالعدوى بكوفيد-19.
كما أظهرت أيضاً التقارير الصحية، حدوث انخفاض واضح في مدى وكم النشاط البدني للأطفال خلال الفترة الماضية. وإذا ما وضعنا في الاعتبار أن أطفال العصر الحديث يعانون أصلاً في الظروف الطبيعية من انخفاض مستويات النشاط البدني عن المعدلات الدنيا الموصى بها، فيمكن أن ندرك بسهولة أن المزيد من هذا الانخفاض نتيجة الوباء الحالي، ستكون له آثار صحية سلبية، وخصوصاً على صعيد زيادة الوزن والسمنة، والتي تقدر الإحصائيات أنها تصيب عشرات ومئات الملايين من الأطفال، حتى قبل ظهور وباء كورونا المستجد.
وعلى الصعيد النفسي، وبخلاف الاعتقاد الخاطئ السائد بأن الأمراض النفسية لا تصيب الأطفال، وكنتيجة لإجراءات العزل والتباعد الجسدي، بالإضافة إلى سيل الأخبار اليومية السلبية، ارتفعت معدلات الاكتئاب، والقلق المزمن، ونوبات الفزع بين أفراد هذه الطائفة العمرية بشكل مثير للقلق.
وعلى الصعيد الاجتماعي، أو بالأحرى الإجرامي، تظهر تقارير عدد من الجهات الشرطية حول العالم، زيادة ملحوظة في استهداف الأطفال خلال الشهور الماضية، من قبل المنحرفين جنسياً والشواذ، والذين يحاولون استغلال حقيقة أن الأطفال أصبحوا يقضون وقتاً أطول على الشبكة العنكبوتية ووسائل التواصل الاجتماعي، نتيجة توقف الدراسة في العديد من دول العالم، واضطرار الغالبية العظمى منهم للبقاء معظم الوقت في منازلهم. يجب أن نضع في اعتبارنا خصوصية هذه الطائفة العمرية، ولذا، لا ينبغي أن نتجاهل في ظل تداعيات الوباء الحالي، والصدمة التي تسبب فيها للجميع من دون استثناء، خصوصية تداعياته على الأطفال وهم من أكثر فئات المجتمع ضعفاً.