أظهرت جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19) تماسك المجتمع في دولة الإمارات العربية المتحدة وتضامنه بشكل قوي للغاية، وهذا التضامن يعد من العوامل الرئيسية التي أسهمت بشدة في نجاح جهود الدولة ومؤسساتها المعنية بحصر التأثيرات السلبية التي تمخضت عنها هذه الجائحة، التي طالت تداعياتها غير المسبوقة كل دول العالم الذي بات، وفي ظل طغيان ظاهرة العولمة، قرية واحدة بالفعل.
وثمة العديد من العوامل التي أكدت هذا التماسك المجتمعي القوي في دولة الإمارات لمواجهة جائحة (كوفيد- 19)، حيث تم إطلاق العديد من المبادرات المجتمعية والأهلية لدعم الفئات التي تأثرت من جراء هذه الجائحة. وفي الواقع، فإنه لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً لإطلاق هذه المبادرات، ما يدل على جاهزية مجتمع الإمارات لمواجهة مثل هذه الأزمات، التي فاجأت دول العالم المختلفة، حين غزا هذا الفيروس الفتاك دول العالم على حين غرة وحوّله إلى جزر منعزلة، وثمة العديد من هذه المبادرات، ومنها إنشاء «صندوق الإمارات وطن الإنسانية» بالتنسيق بين الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث وهيئة الهلال الأحمر الإماراتي، والجمعيات والمنظمات الإنسانية في دولة الإمارات، وذلك من خلال استقبال مساهمات الأفراد والمؤسسات، المادية والعينية، بهدف توحيد جهود مواجهة جائحة «كورونا» والحد من تداعياتها الصحية والإنسانية والاقتصادية والاجتماعية وفق آلية خاصة بإدارة وتنظيم وإدامة المساهمات، بما يجسد مضامين التلاحم المجتمعي والانتماء الوطني، ومنها كذلك برنامج «معاً نحن بخير»، الذي تم إطلاقه من قبل هيئة المساهمات المجتمعية «معاً»، وفي إطار هذا البرنامج، يتم تقديم الدعم اللازم لأولياء أمور طلبة المدارس الخاصة في أبوظبي، المتضررين نتيجة الظروف الصحية والاقتصادية الراهنة، بالشراكة مع دائرة التعليم والمعرفة، وشمل الدعم دفع الأقساط المدرسية أو الحصول على أجهزة كمبيوتر محمولة أو أجهزة لوحية.
والحاصل، أن هذا التضامن المجتمعي القوي الذي كشفته جائحة (كوفيد- 19) هو سمة مميزة للمجتمع في دولة الإمارات العربية المتحدة منذ تأسيسها على يد المغفور له، بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي كان يؤمن أنه لا يمكن تحقيق أي تقدم من دون وجود مجتمع قوي يكون الركيزة الأساسية لدعم الجهود الرسمية المبذولة على الصعد المختلفة لإحداث تنمية شاملة. وقد عملت قيادتنا الرشيدة بشكل متواصل على دعم كل ما من شأنه ترسيخ هذا التضامن وتعميقه بشكل مستمر، حتى وصل إلى درجة عالية من الرسوخ، على نحو أصبحت معه دولة الإمارات العربية المتحدة نموذجاً للتماسك المجتمعي.
وفي الواقع، فإن ثمة العديد من العوامل التي رسخت التماسك المجتمعي في دولة الإمارات العربية المتحدة، لعل أهمها ما يتمتع به مجتمعنا من درجة عالية من التسامح والتعايش وقبول الآخر. وتقدم الإمارات نموذجاً رائعاً للتسامح، يحظى بكل التقدير من قبل دول العالم كافة والمنظمات والتقارير الدولية ذات الصلة، حيث إنه من دون التسامح لا يمكن بناء مجتمعات قوية، وهذه الحقيقة أدركتها مبكراً قيادتنا الرشيدة التي لا تكف عن طرح المبادرات الخاصة بتعزيز التسامح وتكريس مبادئ التعايش المشترك، ولا تقتصر جهودها في هذا المجال على الصعيد المحلي فقط، بل تبذل الدولة جهوداً متواصلة لتعزيز التسامح على الصعيد الدولي، ويمكن الإشارة في هذا السياق، على سبيل المثال لا الحصر، إلى «وثيقة الأخوة الإنسانية» التي تم التوقيع عليها في الرابع من فبراير 2019 من قبل كل من فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف وقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، في أبوظبي برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، وهي بمثابة دستور لتحقيق السلام والأخوة بين جميع البشر على اختلاف أديانهم ومذاهبهم وأعراقهم.
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية