عملت دولة الإمارات العربية المتحدة على اتخاذ إجراءات شديدة ومحكمة لمواجهة جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19)، منذ بدأ هذا الفيروس الفتاك في الانتشار خارج موطنه الأصلي في مدينة ووهان الصينية، ولكنها حرصت في الوقت نفسه على ألا تثير هذه الإجراءات أي نوع من الخوف أو الهلع في نفوس المواطنين أو المقيمين، كما حرصت على إدارة الأزمة بكل شفافية، من خلال تقديم كل المعلومات المتوافرة عنها عبر إحاطات إعلامية دورية.
ولم تلجأ الجهات المعنية في دولة الإمارات إلى فرض حظر كلي أو جزئي على الحركة، على غرار ما حدث في دول أخرى، وقد راهنت الدولة وأجهزتها المعنية على وعي الجمهور وحرصه على حماية نفسه وحماية الآخرين، وفي الوقت نفسه بذلت الدولة وما تزال جهوداً مضنيةً لحصار هذه الجائحة من خلال التعزيز المستمر للبنية التحتية للقطاع الصحي، والتوسع بشكل كبير في إجراء الفحوصات الطبية للكشف عن حالات الإصابة، ومن ثم عزلها، حتى يمكن محاصرة العدوى، وأنشأت لهذا الغرض العديد من المستشفيات الميدانية ومراكز الفحص. ولتعزيز هذا الوعي، حتى يرتقي إلى مستوى الحدث، تم توجيه وسائل الإعلام المختلفة للقيام بدورها في هذا السياق.
والحاصل أنه في نهاية المطاف، فإن دولة الإمارات نجحت في إدارة أزمة جائحة (كوفيد- 19) بشكل احترافي، من خلال تدرج الإجراءات التي تم اتخاذها في هذا الإطار بشكل يتناسب مع تطور الجائحة ومدى ما تمثله من خطر، وهذا النجاح يحظى بتقدير وإشادة من قبل العديد من الدول والمنظمات والمؤسسات الدولية المعنية، ومع الجهود المتواصلة لحصار انتشار الفيروس، وما أثمرت عنه من نتائج إيجابية لافتة للنظر، كان لابد من العودة التدريجية إلى الحياة الطبيعية التي توقفت إلى حد ما حرصاً على صحة الجمهور، وذلك من خلال تخفيف القيود المفروضة على النشاط الاقتصادي، وفقاً لإجراءات احترازية شديدة، على غرار ما تم عمله في دول أخرى، لأنه ليس بالإمكان استمرار توقف هذا النشاط لفترة أطول.
وعلى الرغم من أن السواد الأعظم من مواطني الدولة والمقيمين فيها قد تميزوا بدرجة عالية من الالتزام بما تم اتخاذه من إجراءات احترازية لمواجهة جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19)، فإن قلة قليلة بدت غير عابئة بالتقيد بهذه الإجراءات، وهو ما كان سبباً في تزايد عدد الإصابات بشكل واضح خلال الفترة الأخيرة. ولا شك أن سلوك هذه الفئة مرفوض بكل معنى الكلمة، بل ومشين، وينم عن عدم وعي أو اكتراث بما يمكن أن يسببه من أذى بحق مرتكبه وحق الآخرين، في وقت تبذل فيه الجهات المعنية جهوداً مضنية لحصار هذه الجائحة، يجب على الجميع دعمها وتعزيزها، حتى يمكن أن نتجاوز هذه الأزمة بشكل كامل وفي أقل فترة ممكنة.
وفي الواقع، فإن ذلك الإهمال من قبل البعض بحق الإجراءات الاحترازية لمواجهة جائحة (كوفيد- 19) كان لابد أن يواجَه بكل حسم، ولذلك جاءت القرارات التي تم الإعلان عنها يوم الاثنين الماضي بتغليظ العقوبات بحق من يرتكب مثل هذا الإهمال ويخالف هذه الإجراءات. ولا شك أن هذا التوجه بتطبيق عقوبات رادعة هو أمر حيوي للغاية، وبخاصة مع عودة النشاط الاقتصادي، وما يعنيه من عودة تدريجية للحياة الطبيعية بكامل طاقتها، حيث إن ذلك يفرض بالضرورة الالتزام التام بتلك الإجراءات من قبل الجميع، لأن أي تهاون ستكون له نتائجه الوخيمة، لجهة حدوث المزيد من الإصابات وتبديد الجهود المضنية المبذولة من قبل مختلف مؤسسات الدولة لحصار هذه الجائحة.
لقد استطاعت دولة الإمارات وعبر جهود مضنية ومتواصلة تحقيق نجاح كبير في حصار جائحة (كوفيد- 19)، ولابد من التقيد التام بما تصدره الجهات المعنية من إجراءات احترازية، وهو ما يتطلب ضرورة اتخاذ إجراءات رادعة بحق من يعبث بهذه الإجراءات أو يستهين بها بأي وجه من الوجوه.   

*عن نشرة أخبار الساعة الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.