منذ اندلاع وباء فيروس كورونا المستجد، الذي داهم العالم وفتك بكثير من المجتمعات واقتصاداتها ومنظوماتها الصحية، وعلى نحو مثير للقلق والدهشة، وقف العالم كله تقريباً عاجزاً عن معرفة كيفية نشأة الفيروس وطريقة انتشارة وعن إيجاد علاج أو لقاح مضاد له حتى الآن، حيث فشلت كل المحاولات الرامية لتحديد مصدره، كما أخفقت المحاولات المبذولة لمحاصرته وإخماده في مهده.
ومع انتشار هذا الوباء المرعب، بادرت دول العالم بالتصدي له، كل حسب طريقتها وإمكانياتها وأسلوبها في المكافحة والتصدي، بغية محاولة وقف زحف الفيروس غير المتوقع أصلا، والذي أربك الكرة الأرضية وشل حركتها واقتصادها ومنع العالم من الحركة والسفر والتنقل، وأجبر كل أحد على البقاء في عقر داره.
وقد استنفرت الدول الخليجية والعربية والأجنبية، جميع إمكاناتها الطبية والصحية والتقنية والبشرية في سبيل مواجهة فيروس كورونا، لكن دولة الإمارات العربية المتحدة سجلت نقاطاً متقدمة جداً في حماية مواطنيها والمقيمين على أراضيها، عبر استراتيجية ذكية ومدروسة، تضمنت إقامة مراكز طبية متخصصة لعلاج وتعقيم وفحص الأفراد والعوائل بدون استثناء أو تمييز، وعلى نحو متقن ومتميز وحضاري، من خلال الكوادر الصحية والطبية المتدربة والمنخرطة في الميدان وفي المستشفى والشارع، فضلا عن توفير أحدث الأجهزة التكنولوجية الدقيقة.. فكل ذلك أعدته وجهزته دولة الإمارات مبكراً وسريعاً، وفق خطط تتماشى مع خطورة الجائحة العالمية التي فتكت بالبشر دون أي استثناء حسب اللون أو الجنس أو الدين.
لقد تميزت التجربة الإماراتية في مواجهة كورونا، لذا كانت دولة الإمارات الأولى عربياً في تحقيق الأمن الصحي خلال الجائحة الحالية، كما تبوأت موقعاً متقدماً في صدارة مصاف الدول التي تخوض الحرب ضد «كوفيد -19» بشكل علمي واحترافي ومهني دقيق ومنظم، وذلك وفق دراسة أجراها مؤخراً مركز أبحاث بريطاني دولي متخصص، حيث اختار دولة الإمارات العربية المتحدة من 100 دولة بعد أن تابع ورصد أنشطتها وما قامت به في سبيل التصدي لوباء كورونا. ووفقاً للدراسة فقد تم تصنيف دولة الإمارات العربية المتحدة الأولى عربياً، تلتها الكويت في المركز الثاني.
وليس ذلك أمراً مستغرباً على دولة الإمارات وقادتها ودورها الريادي المتفرّد في التصدي للأزمات، إذ كثيراً ما أخذت بزمام المبادرة بشكل جدي وحاسم وسريع ومدروس. وفي ظل أزمة كورونا الحالية، بادرت الإمارات بتقديم الخدمات الوقائية والعلاجية المجانية لملايين الأشخاص في أنحاء العالم، وبإجراء الفحوص لأكثر من 29 ألف شخص يومياً داخل الدولة، فضلا عن الارتفاع القياسي في حالات التعافي المتحققة لديها من هذا المرض الخطير.
لقد قامت الإمارات بمواجهة محسوبة ودقيقة لوباء كورونا المخيف، بينما وقفت دول صناعية كبرى ومتقدمة وقد شلها العجز عن التحرك السريع، رغم ما لديها من علماء وخبراء وترسانة تقنية وتكنولوجية ضخمة.. لكنها بدت مذهولة مدهوشة وعاجزة عن تقديم بارقة أمل للعالم في إمكانية التغلب على كورونا.

*كاتب سعودي