في غضون أيام من قيام شركات وسائل التواصل الاجتماعي بإزالة فيديو منتشر يروج لنظريات المؤامرة حول فيروس كورونا المستجد، ظهر مقطع على اليوتيوب يخبر المشاهدين عن طريقة أخرى يمكنهم من خلالها الوصول إلى اللقطات المحظورة: من خلال رابط إلى الفيديو على خدمة مشاركة الملفات «جوجل درايف».
لا يعد جوجل درايف منصة للتواصل الاجتماعي، كما أنه لم يتم إنشاؤه لمعالجة المشاكل التي تواجهها شركات التواصل الاجتماعي: تسليح خدماتها لتضخيم المحتوى الخطير، لكن استخدام رابط درايف جوجل للوصول إلى المقطع الدعائي لفيلم وثائقي بعنوان «ذا بلانديميك»، المشتق في جزء منه من مصطلح «الجائحة»، والذي يعكس موجة من الحلول التي يبدو أنها لا تعد ولا تحصى يوظفها أشخاص لديهم دوافع لنشر معلومات مضللة حول الفيروس، وهي الجهود التي تواصل إحباط محاولات شركات وسائل التواصل الاجتماعي لمنع الخدع ونظريات المؤامرة من الانتشار في خضم أكبر أزمة صحية عامة منذ عقود.
وخلال الوباء، تبنت شركات فيسبوك وتويتر ويوتيوب نهجاً أكثر صرامة في ضبط المعلومات الخاطئة مما كان عليه في الماضي. وأدخلت قواعد جديدة، مثل إزالة المشاركات التي تتعارض مع توجيهات وكالات الصحة العامة، أو إنكار وجود الفيروس أو الترويج للمزاعم العلمية الزائفة.
وقد دفع ذلك أولئك الذين ينشرون المعلومات الخاطئة حول كوفيد-19 إلى تجربة طرق جديدة، بما في ذلك استخدام وسائل التواصل الاجتماعي التي لم تكن تاريخياً منصات للأخبار، مثل تطبيق الفيديوهات القصيرة «تيك توك» وأدوات إنتاجية مثل «جوجل درايف» و«جوجل دوكس»، حتى إنهم استخدموا أرشيف الإنترنت للمكتبة الرقمية. وتحتوي هذه الخدمات على أنظمة أكثر محدودية لضبط المحتوى، مقارنةً بمنصات وسائل التواصل الاجتماعي الرئيسة التي أمضت سنوات وهي تستثمر في جهود الاعتدال استجابة للنقد.
وباقتراض التقنيات التي تستخدمها الصناعات غير المشروعة الأخرى، بما في ذلك المواد الإباحية، فإن العديد من المشاركات المتبقية حول «بلانديميك» على يوتيوب وفيسبوك لديها المحتوى الأكثر تحريضاً الذي تم استقطاعه لتجنب الكشف. وبدلاً من ذلك، فإن هذه المشاركات توجه الناس إلى رابط، حيث يمكنهم مشاهدة الفيلم بأكمله.
وفيديو «بلانديميك» هو مقطع دعائي لفيلم وثائقي يعيد صياغة نظريات المؤامرة الشعبوية حول كيفية قيام النخب بطمس المعلومات بشأن الفيروس. وفيه، تقول الطبيبة «جودي ميكوفيتس» إن مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية «أنتوني فوتشي» قام بإخفاء بحثها الذي يُظهر أن اللقاحات تضر بالجهاز المناعي. وتقول أيضاً إن بيل جيتس وغيره ينشرون الفيروس للتربح من إنتاج لقاح في نهاية الأمر، وإن ارتداء الكمامات يزيد من خطر إصابة الشخص بالفيروس.
وقد انتشر الفيديو الأسبوع الماضي، وأصبح أحد أفضل مقاطع الفيديو الشائعة على يوتيوب، وفقاً للباحثة في وسائل التواصل الاجتماعي «إيرين جالاجر».
وبعد وقت قصير من انتشاره، قامت شركات فيسبوك ويوتيوب وتويتر بحظر الفيديو على أساس أنه يحتوي على معلومات خاطئة بشأن الفيروس، والتي يمكن أن تسبب «ضرراً حقيقياً» وتهديداً مباشراً للصحة العامة. وقام تطبيق تيك توك، الذي يحظر أيضاً المعلومات الكاذبة بشأن كوفيد-19، بمنعه أيضاً.
وتقول الشركات إنها ستزيل المحتوى الذي يشكك في وجود كوفيد-19، وكذلك المحتوى الذي يثبط الناس عن التماس العلاج الطبي، أو يشجع طرق العلاج غير المؤكدة، أو يشكك في فعالية المبادئ التوجيهية للمسافة الاجتماعية. وبالنسبة للأنواع الأخرى من المعلومات المضللة، تميل الشركات إلى تركها، لكنها تصنفها في مرتبة أقل في تصنيفات البحث.
وتقوم الشركات بتوجيه الأشخاص الذين يبحثون عن معلومات عن كوفيد-19 إلى مواقع منظمة الصحة العالمية ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها ومصادر الأخبار عالية الدقة.
وبعد أقل من أسبوعين من قيام الشركة بالحظر، وجد الباحثون أن الفيديوهات تعاود الظهور عبر وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة على اليوتيوب. وتم تحميل 40 نسخة على الأقل من المقطع الدعائي على اليوتيوب على مدار الأسبوع الماضي، وتم العثور عليها بسهولة باستخدام هاشتاج بسيط للبحث. وحصلت بعض الفيديوهات على مشاهدات بأكثر من 40,000 وظلت باقية لأيام، كما قال إيريك فاينبيرج، نائب رئيس الإشراف على المحتوى في «الائتلاف من أجل إنترنت أكثر سلامة».
وحساب فيلم «بلانديميك» موجود حالياً على انستجرام، إلى جانب ما يقرب من 60 مقطعاً آخر، يحتوي العديد منها على إصدارات مختصرة من الفيلم تتجاهل أكثر مزاعمه إشكالية. وحصلت إحدى المشاركات التي تضم الفيلم على أكثر من 500,000 إعجاب.
وقامت جوجل بحذف ملف درايف الذي يعرض الفيلم، بينما أزالت شركة يوتيوب خمسة من 12 فيديو وجد فاينبيرج أن «واشنطن بوست» نشرتها مع الشركة. وتم ترك مقاطع الفيديو المتبقية لأن مَن قاموا بنشرها حذفوا الأجزاء التي تذكر ادعاءات كاذبة، مثل أن ارتداء الكماكة يمكن أن يسبب كوفيد-19.
وقال فاينبيرج إن الشركة أزالت الآلاف من مقاطع فيديو «بلانديميك»، مضيفاً أن أكثر من 90% من المقاطع المحذوفة حصلت على 100 مشاهدة أو أقل. وأوضح أن الشركة قامت بتحسين بعض من قدرات الكشف الخاصة بها للإبلاغ عن عمليات إعادة التحميل وتعديل المحتوى.
وعلى تطبيق تيك توك، كان المصطلح «بلانديميك» لديه أكثر من 1.9 مليون عملية بحث، وفقاً لفاينبيرج الذي أكد أنه وجد أكثر من 24 عملية تحميل للفيديو خلال الأيام الثلاثة الماضية. وأفاد تيك توك بأنه أزال معظم الفيديوهات بعد أن نشرتها «واشنطن بوست».

*مراسلة «واشنطن بوست» في وادي السيليكون
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»