من السمات المميزة لفيروس «كوفيد-19»، ارتفاع معدلات الوفيات الناتجة عنه بين زائدي الوزن والمصابين بالسمنة. هذه الحقيقة تؤكدها العديد من الدراسات، والتي نذكر منها هنا على سبيل المثال لا الحصر، دراسة أجريت على 17 ألف مريض في مستشفيات بريطانيا، وأظهرت أن الأشخاص المصابين بالسمنة، أي مؤشر كتلة جسد أعلى من 30، زادت احتمالات وفاتهم جراء الفيروس بنسبة 33 في المئة، مقارنة بالأشخاص المتمتعين بوزن طبيعي.
ولن تتسع المساحة هنا لاستعراض تفاصيل العلاقة بين السمنة، وبين زيادة احتمالات الوفاة بسبب «كوفيد-19»، ولذا سنمر عليها مرور الكرام. أول تلك الأسباب هو العلاقة بين زيادة الوزن والسمنة، وبين طائفة متنوعة من الأمراض المزمنة، مثل السكري وأمراض القلب والشرايين، وهي أمراض معروف عنها تسببها في زيادة احتمالات الوفاة جراء الفيروس.
السبب الثاني هو أن السمنة تحد من كفاءة وفعالية جهاز المناعة، نتيجة حالة الالتهاب العام في الأنسجة الدهنية الناتجة عن غزو هذه الأنسجة بخلايا معينة (Macrophages)، وهو ما يعيق الاستجابة المناعية، وقد يؤدي لاختلال هذه الاستجابة، وخروجها عن حدودها الطبيعية بشكل مفرط، في الحالة المعروفة بالعاصفة المناعية (Cytokine Storm)، والتي ترتبط بتدهور شديد في حالة المريض ووفاته لاحقاً.
السبب الثالث هو أن مرضى السمنة يعانون أصلاً من صعوبة في التنفس نتيجة انخفاض السعة الحيوية للرئتين، أي حجم الهواء الذي يمكن للرئتين استيعابه مع الشهيق، بسبب ضغط الأنسجة الدهنية المحيطة، وخصوصاً تلك الموجودة في منطقة البطن (الكرش)، حيث يعاني بعض هؤلاء من الحالة المعروفة بانقطاع التنفس أثناء النوم. وهو ما يؤدي تالياً إلى نقص نسبة الأكسجين في الدم في الحالة الطبيعية، والذي يتفاقم بشكل أكبر عند غزو الفيروس لأنسجة الرئة، وتدمير خلايا الحويصلات الهوائية.
السبب الرابع والمكتشف مؤخراً، هو أن خلايا الأنسجة الدهنية تتمتع بمستوى مرتفع من إنزيم خاص (ACE2)، وهو الأنزيم الذي يعتمد عليه الفيروس في الدخول للخلية، وهو ما قد يجعل زائدي الوزن والمصابين بالسمنة أكثر عرضة للعدوى، وأكثر عرضة للوقوع ضحايا لمضاعفاته الخطيرة، والوفاة بسببها.
وفي ظل حقيقة أن وباء السمنة يجتاح دول العالم قاطبة، حيث يقدر أن أكثر من 700 مليون شخص يعانون السمنة، وأضعاف هذا العدد من زيادة الوزن، سيجد فيروس كورونا المستجد مئات الملايين من الضحايا، من السهل غزو أجسامهم، والملتهبة أنسجتهم، والمعاقة أجهزتهم المناعية، والمؤهلين بسبب أمراضهم المزمنة للتعرض للمضاعفات الخطيرة، ومن ثم الوفاة.