من الصعب إنكار أن وباء «كوفيد -19» يضر بفرص دونالد ترامب في إعادة الانتخاب، بل يضر بها كثيراً. بالطبع، سيحاول فريق ترامب تغيير التفسير. وسيفكرون في طرق مختلفة من أجل الرد، مثل التأكيد على أن البلاد تتعافى وأن الصين مناوئة لها. لكن، وكما لاحظ «نايت سيلفر» مؤخراً، فهذا لا يعني أن البيت الأبيض يعرف ما يفعل. مثال واحد على هذا الأمر، هو حديث الإدارة المستمر عن فتح الاقتصاد، رغم الأدلة التي تشير إلى أن ذلك سيتسبب أيضاً في وفيات أكثر بكثير جراء «كوفيد -19». فهذا الرئيس السابق لإدارة الأغذية والأدوية «سكوت غوتليب» قال خلال نهاية الأسبوع على برنامج «فايس ذا نيشن» («واجه الأمة») الذي تعرضه قناة «سي بي إس»: إنه «لئن كانت إجراءات التخفيف لم تفشل، فإنني أعتقد أنه من الإنصاف القول بأنها لم تنجح على النحو الذي توقعناه. فقد كنا نتوقع أننا سنبدأ في رؤية انخفاضات أهم في حالات الإصابة والوفيات الجديدة عبر البلاد في هذه الفترة، لكننا لا نرى ذلك». وهذا يشير إلى أن أي إعادة فتح للاقتصاد ستؤدي إلى ارتفاع الحالات الجديدة والوفيات الجديدة.
لا شيء من هذا سيوقف ترامب وفريق مساعديه عن محاولة المراهنة على نتيجة أكثر تفاؤلاً. ففي الوقت الحالي يبدو أن فريق ترامب منخرط في خليط من التمنيات والمبالغات لإنتاج رواية تقول بانتعاش الاقتصاد. غير أن هذا يحدث في الوقت نفسه الذي يرفض فيه فيروس كورونا المستجد الانحسار. ويقول «إد كيلجور» من مجلة «نيويورك»: «يبدو أنه ومستشاريه يعتقدون أنهم يستطيعون دفع الاقتصاد إلى التعافي قبل أن يواجه الناخبين، مع ما ينطوي عليه ذلك من خطر تمكين موجة أخرى، ربما أكثر فتكاً، من انتشار الفيروس. الشيء الوحيد الواضح بشكل معقول هو أنه إذا فشلت هذه المقامرة في أي جانب مهم منها، فكذلك ستفعل رئاسته».
وفي غياب أي تغير حقيقي في الاقتصاد، تستطيع إدارة ترامب دائماً محاولة الاعتماد على مزيج من المبالغات الحقيقية والرمزية، من قبيل الانخراط في أمور مثل إنهاء مهمة الفريق المكلف بفيروس كورونا من أجل تغذية وهم إحراز التقدم، أو التحدث عن إيجابيات وفوائد إعادة فتح الولايات، حتى في حال استمر النشاط الاقتصادي الحقيقي في الغرق. كل ذلك على أمل أنه إذا نجح ذلك في سوق الأسهم، فربما ينجح مع الناخبين.
بيد أن المشكلة الكبيرة بخصوص هذه الاستراتيجية، هي أن ترامب لا يستطيع الاعتماد على عدّته الرمزية العادية لإقناع الناخبين. وحتى هو يدرك ذلك، على ما يبدو. فقد اعترف على تويتر قبل بضعة أيام: «إننا جميعاً نفتقد حلفاءنا الرائعين والكثير من الأشياء الأخرى!». كما قال لصحيفة «نيويورك بوست» إنه يفتقد التجمعات الانتخابية: «آملُ أن نستطيع إعادة التجمعات الانتخابية قبل الانتخابات. أعتقد حقاً أنها مهمة جداً. وأعتقد أن ذلك سيكون نقطة سلبية كبيرة ليست في مصلحتي إذا لم نستطع إعادة التجمعات الانتخابية. الناس يريدون التجمعات الانتخابية. إنهم يرغبون فيها بشدة، لأنها كانت تقدم معلومات ولكنها كانت ممتعة أيضاً». وبالطبع حين يقول «الناس» فهو يقصد «ترامب».
غير أن الرئيس لا يستطيع إعادة التجمعات الانتخابية؛ فحتى أنصار إعادة الفتح سيتعين عليهم الاعتراف بأنه في عالم من دون أدوية أو لقاحات لكورونا، لا يمكن تنظيم تجمعات الحملة الانتخابية، أو المؤتمرات، أو الأحداث الرياضية. وهذه هي بالضبط الأحداث التي من شأنها أن تؤدي إلى انتشار ضخم للوباء في المجتمع، ما يعني أن البلاد ما زالت بعيدة جداً عن العودة إلى الوضع الطبيعي السابق.
يمكن لترامب أن يعتمد تدابير رمزية كبيرة ليُظهر أن الأميركيين عادوا إلى أعمالهم، لكن هذا لا يعني أن عالَم الرياضات قد توصل إلى ما ينبغي فعله. فقد أشار زميلي في «واشنطن بوست»، ريك ميس، الأسبوع الماضي، إلى أن كل الدوريات الرياضية الاحترافية تحاول اجتراح طرق من أجل الانطلاق مجدداً، «غير أن كل إمكانية تنطوي على عراقيل، الكثير منها لا يمكن تخطيه حالياً». كما قال مدير رياضي لزميلي ميس: «إنه تحدٍ. سأكذب عليك إذا قلت لك إن لدينا فكرة جيدة. فهي جميعها درجات متفاوتة من السوء».
ومن دون تجمعات كبيرة، فإن كل ما يستطيع ترامب فعله هو التحدث من المنصة وإرسال سربي «بلو إنجلز» («الملائكة الزرق») و«ثندربردز» («طيور الرعد») من الطائرات الاستعراضية للتحليق فوق وسط مدن شوارعها فارغة. وهي حركة جيدة، لكنها فارغة.
إن مهارة ترامب السياسية الفطرية الأساسية هي معرفة الأشياء التي تسوّق وتباع جيداً في وسائل الإعلام. غير أنه في ما يتعلق بالتعاطي مع فيروس كورونا، يعرف ترامب أنه ليس لديه شيء ليبيعه غير الوعد بغد أفضل!


*أستاذ السياسة الدولية بجامعة تافتس الأميركية
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»