د. أكمل عبد الحكيم*
 
الإمارات وتحالف «جافي» تعاونا سوياً في دعم الجهود العالمية لمكافحة دودة غينيا وشلل الأطفال، ولدعم الرعاية الصحية في أرجاء العالم
------------------------------------------
يعج العالم بمئات وآلاف التحالفات الاستراتيجية، وفي جميع المجالات تقريباً، مثل المجال العسكري كحلف «الناتو»، وفي المجال السياسي والاقتصادي مثل الاتحاد الأوروبي، وفي مجال الأعمال كتحالفات شركات الطيران ومن أشهرها وأكبرها تحالف «ستار آلاينس»، كما تتناثر هنا وهناك تحالفات إقليمية من خلال منظمات حكومية كمنظمة «آسيان» لدول جنوب شرق آسيا، أو من خلال اتفاقيات تجارية كاتفاقية «نافتا» بين دول أميركا الشمالية والمكسيك. ومع التزايد اليومي والمستمر خلال الشهور الماضية، لأعداد ضحايا فيروس كوفيد-19، تزايد الإدراك أيضاً بأهمية التحالفات الدولية ضد الأوبئة العالمية للأمراض المعدية، والتي من أهمها التحالف العالمي للقاحات والتحصينات (Global Alliance for Vaccines and Immunization)، والمعروف اختصاراً بتحالف «جافي».
وقد اتضح جلياً حجم الإدراك بأهمية هذا التحالف، الخميس الماضي، خلال القمة الافتراضية التي استضافتها بريطانيا، وشارك فيها أكثر من 50 بلداً و35 رئيس دولة وحكومة، بهدف دعم الحملات العالمية للتطعيم ضد الأمراض المعدية، وخصوصاً تلك التي تصيب الأطفال، والتي تأثرت بشكل كبير خلال الشهور الماضية نتيجة وباء كوفيد-19. حيث نجحت هذه القمة في تخطي حجم ما كان مؤملا من التبرعات، ليتم جمع أكثر من 7.4 مليار دولار من دول كان على رأسها بريطانيا التي قدّمت وحدها أكثر من ملياري دولار، بالإضافة إلى العديد من الهيئات والمؤسسات والتي كان من أبرزها مؤسسة «بيل وميلندا جيتس» التي منحت التحالف 1.6 مليار دولار. وحسب ما أعلنه رئيس الوزراء البريطاني بعد انتهاء القمة، يتوقع لهذه المنح والتبرعات أن تساعد في إنقاذ حياة 8 ملايين نسمة خلال السنوات الخمس القادمة، مما يجعلها أفضل استثمار للجنس البشري في معركته الأبدية مع الميكروبات والجراثيم والفيروسات. ورغم ضخامة هذا المبلغ، فإنه يتضاءل أمام مئات وآلاف المليارات التي تنفقها دول العالم على ميزانيات الدفاع والتسلح، وعلى أنواع مختلفة من الأسلحة تهدف جميعها لقتل بني البشر.
ويذكر أن دولة الإمارات وتحالف «جافي» طالما كانا شريكين قويين على مدى سنوات، حيث تعاونا سوياً في دعم الجهود العالمية للقضاء على عدة أمراض مثل دودة غينيا وشلل الأطفال، كما دعما العديد من أنظمة الرعاية الصحية في أرجاء العالم. وكانت الإمارات من أوائل المانحين الذين دعموا مبادرة «إنفيوز» لتحسين وصول اللقاحات إلى الدول الأكثر احتياجاً، كما استضافت مؤتمر التحالف العالمي للقاحات في ديسمبر 2018، حيث تم حينها استعراض التقدم المحرز في خطة «جافي» للفترة 2016-2020، ودراسة التحديات القائمة، ومراجعة الإجراءات الهادفة لزيادة فرص الحصول على التحصينات واللقاحات في الدول الأكثر فقراً، بما يسهم في تعزيز الصحة العامة للعديد من الشعوب والمجتمعات.

*كاتب متخصص في القضايا الصحية والعلمية