بالنسبة لبعض المعلقين والسياسيين التابعين لليمين، تبشر جائحة كورونا بعودة الدولة القومية. فقد أُغلِقت البوابات، الأمر الذي أسعد الشعبويين اليمينيين كثيراً. ومرة أخرى أصبحت الحدود الوطنية حواجز محصنة تمنع التهديدات الخارجية وتحمي المواطنين داخلها، بينما أدت إجراءات حظر السفر إلى مكوث كثيري السفر جواً وأوقفت تدفقات المهاجرين إلى أجل غير مسمى.
وحسب «لورا هوتاساري»، العضوة الفنلندية اليمينية المتشددة في البرلمان الأوروبي: «لم تعد هناك حاجة إلى الحدود بسبب الوباء. إن العولمة تنهار». ومع عدم وجود أدلة كثيرة، فقد ربط السياسي الإيطالي المتشدد «ماتيو سالفيني» وصول فيروس كورونا بالمهاجرين الأفارقة الذين يعبرون البحر المتوسط بشكل غير قانوني وصولاً إلى إيطاليا. أما الرئيس دونالد ترامب، الذي يواجه اقتصاداً منهاراً وانتقادات متزايدة حول تعامله مع الأزمة، فقد جدد خلال الآونة الأخيرة خطابه المناهض للهجرة، مشيراً إلى أن الضوابط الحدودية ضرورية لدرء الأزمة.
ولكن بالنسبة لما يقرب من 70 مليون نازح في جميع أنحاء العالم، يشكل الوباء تهديداً مزدوجاً: فمخيمات اللاجئين المكتظة معرضة بشكل خاص لانتشار المرض، والحكومات الوطنية، والتي، في أفضل الأوقات، لديها موارد محدودة توفرها لطالبي اللجوء والمهاجرين، ستكون أقل ميلاً لتقديمها في خضم الأزمة.
وتخشى وكالات الإغاثة من كارثة تلوح في الأفق. وقال «جان إيجلاند»، الأمين العام لمجلس اللاجئين النرويجي «عندما يضرب الفيروس المستوطنات المكتظة في أماكن مثل إيران وبنجلاديش وأفغانستان واليونان، ستكون العواقب مدمرة». وأضاف «ستكون هناك أيضاً مذبحة عندما يضرب الفيروس أجزاء من سوريا واليمن وفنزويلا، حيث تم هدم المستشفيات وانهارت النظم الصحية».
حتى الآن، هناك عدد قليل جداً من الحالات الإيجابية المؤكدة، سواء في مخيمات الروهينجا على حدود بنجلاديش مع ميانمار، أو معسكرات المهاجرين القذرة في الجزر اليونانية. والقليل من هذه المستوطنات لديها القدرة على إجراء اختبارات فعالة.
يمكن أن توجد المشكلة في الكثير من الأماكن في اليمن، حيث يعاني الملايين من سوء التغذية وما يقرب من 4 ملايين يعيشون في مخيمات مؤقتة، إلى ليبيا، حيث يتعامل السكان المحليون والمهاجرون مع فوضى البلد الذي يعيش حرباً أهلية، إلى العراق، حيث لايزال هناك 1.5 مليون نازح في أعقاب الحرب مع تنظيم «داعش».
وحسب صحيفة «واشنطن بوست» «ربما تكون سوريا التي مزقتها الحرب هي أكبر مصدر للقلق، لا سيما شمال غرب البلاد حيث لا يزال القتال مستمراً بين القوات الحكومية والمتمردين على الرغم من وقف إطلاق النار الهش. ويوجد ما يقرب من 4 ملايين شخص، معظمهم من النازحين من أماكن أخرى في البلاد، محاصرون في قطعة صغيرة من الأرض على طول الحدود السورية- التركية، والتي فاقت غزة باعتبارها الجزء الأكثر كثافة سكانية في الشرق الأوسط».
وفي غزة، التي تطوقها إسرائيل، فإن المخاطر كبيرة. «إذا وصلنا الفيروس، سيموت الكثير من الناس. ليس فقط بسبب الفيروس، ولكن لأن العالم سينغلق أمامنا ويتركنا نموت وحدنا»، بحسب ما قال محمود شكشك، أحد المقيمين العاطلين في مخيم شبه دائم للاجئين في المنطقة المحاصرة.
وداخل الحدود الأوروبية، يواجه اللاجئون وطالبو اللجوء وجوداً أكثر خطورة في ظل الوباء. وقد كتبت 24 منظمة إغاثة فرنسية في خطاب موجه إلى الحكومة قبل 3 أسابيع «إن حالة المبعدين لا توصف: عدم وجود سكن والبرد والرطوبة والتوتر والتعب والتكدس في خيام خفيفة، والطرد يومياً من أماكن الحياة، والظروف الصحية المؤسفة». وحذرت المنظمات من الوضع المؤسف للعديد من المهاجرين في شمال فرنسا.
ولكن ليس هناك تعاطف يذكر معهم، الآن. وأشار مجلس اللاجئين النرويجي إلى أن «اللاجئين والمهاجرين هم أول ما يوصمون ويلقى عليهم باللوم بشكل غير مبرر في نشر الفيروسات. لقد رأينا بعض السياسيين الشعبويين في جميع أنحاء أوروبا والذين يعارضون الهجرة ويحاولون الربط بشكل واضح بين المهاجرين واللاجئين وتفشي المرض، على الرغم من عدم وجود أدلة تدعم ذلك».
كما حذت إدارة ترامب حذوهم، وتذرعت بتفشي المرض لتشريع حملة جديدة من شأنها أن تمكن الإدارة من إبعاد طالبي اللجوء الذين يظهرون على الحدود الأميركية على الفور.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»