شهد اليومان الأولان من الشهر الجاري مؤتمراً علمياً افتراضياً، بحضور أكثر من 1000 عالم وطبيب ومتخصص، لمناقشة آخر التطورات على صعيد سبل مكافحة الوباء الحالي، وأساليب وطرق العلاج المتاحة، والجهود الرامية لتطوير تطعيم يحقق الوقاية طويلة الأمد.
وفي سابقة، ربما هي الأولى من نوعها، شارك جميع الباحثين وكافة المراكز البحثية، البيانات والمعلومات الأولية المستقاة من أبحاثهم ودراساتهم، تحت مظلة من التضامن الدولي الموسع، بهدف تسريع الاكتشافات والاختراقات العلمية، وتفعيلها وتطبيقها على أرض الواقع.
وناقش المشاركون آخر نتائج الدراسة المعروفة بدراسة التضامن (Solidarity Trial)، والتي تشرف عليها منظمة الصحة العالمية، وتشارك فيها أكثر من 100 دولة، كما تمت مناقشة الدراسات الأخرى التي لا زالت تحت الإجراء، أو اكتملت وظهرت نتائجها، بالإضافة إلى العقاقير المستخدمة والمرشحة لعلاج الفيروس، مثل الديكساميثازون، والرميديسفير، والريتونافير، والهيدروكسيكلوروكوين. واتفق الجميع على ضرورة إجراء المزيد من التجارب لاختبار العقاقير المختلفة، وسواء كانت تنتمي لطائفة مضادات الفيروسات، أو طائفة العقاقير المعدلة لجهاز المناعة (Immunomodulators)، بالإضافة إلى العقاقير المميعة للدم والمانعة للتجلط، وكيفية استخدام هذه العقاقير معاً لتحقيق أفضل نتائج ممكنة.
واحتلت الدراسات والتجارب المتعلقة بتطوير تطعيمات اهتماماً خاصاً، وعددها 15 دراسة، حيث انصب هذا الاهتمام على تحديد وتأطير المعايير الضرورية لتقييم مدى الأمن والسلامة، ودرجة الفعالية، للتطعيمات الجاري تطويرها وتجربتها. وهو الممكن تحقيقه من خلال تفعيل تصميم عالمي موحد ومرن للدراسات تلك، يناسب ظروف الدول المختلفة.
ويأتي هذا المؤتمر العالمي الموسع بعد أقل من شهرين، من قمة افتراضية دولية استضافتها بريطانيا بداية شهر مايو، شارك فيها حينها أكثر من 50 بلداً و35 رئيس دولة وحكومة، بهدف دعم الحملات العالمية للتطعيم ضد الأمراض المعدية، وخصوصاً تلك التي تصيب الأطفال، والتي تأثرت بشكل كبير خلال الشهور الماضية، نتيجة وباء كوفيد-19. ونجحت تلك القمة في تخطي حجم ما كان مؤملاً من التبرعات، حيث تم جمع أكثر من 7.4 مليار دولار من عدة دول، كان على رأسها بريطانيا التي قدمت وحدها أكثر من ملياري دولار، بالإضافة إلى العديد من الهيئات والمؤسسات، والتي كان من أبرزها مؤسسة «بيل وميلندا جيتس» التي منحت التحالف 1.6 مليار دولار.
وأكدت هذه القمة، ومن بعدها المؤتمر العلمي الأخير، على حقيقة أن أمام المخاطر الصحية التي يواجهها الجنس البشري برمته، لا غنى عن تضامن وتضافر الجهود الدولية، سواء كانت على صعيد الباحثين والمراكز البحثية، أو من قبل الدول والحكومات. ففي عصر العولمة، وفي زمن أوبئة لا تعترف بالحدود السياسة أو الجغرافية، فإنه إذا أصاب دولة وباء ما، فيجب أن تتعاون الدول وتتضامن في مجال البحث العلمي.