كان الحفل الافتراضي، الذي وُزّعت فيه «جائزة الإمارات للعلماء الشباب»، في دورتها الحادية عشرة، يوم الثلاثاء الماضي، حافلاً بالرسائل الإيجابية التي تبث التفاؤل والأمل، وتكشف عن مكامن للقوة في دولة الإمارات العربية المتحدة، وعن جذور راسخة للتطور المستدام تمتدُّ عميقاً في البنية المجتمعية، وتعِد بمزيد من الثمار التي تعزز نجاحات الدولة، وتمضي بها بثبات إلى الأمام.
كرَّم معالي حسين إبراهيم الحمادي، وزير التربية والتعليم، خلال هذا الحفل، وبحضور معالي الفريق ضاحي خلفان تميم، نائب رئيس الشرطة والأمن العام بدبي، رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات لرعاية الموهوبين، 41 من طلبة المدارس في الدولة، وصلوا إلى منصة التكريم المستحَق، من بين 4000 طالب تقدموا إلى الاختبارات التمهيدية للجائزة. واجتاز الفائزون مراحل متوالية من التصفيات تبدأ من الاختبارات النظرية في مواد الأحياء والكيمياء والفيزياء والرياضيات، وصولاً إلى تنفيذ مشروعات علمية تخضع للفحص والتقييم من لجان متخصصة.
وأولى الرسائل الإيجابية تكمن في ثقافة المكافأة، التي أصبحت دولة الإمارات رمزاً لها، ومن شأن هذه الثقافة أن تلبّي الحاجة الإنسانية الفطرية إلى التقدير، ولاسيما في سنّ مبكرة، وأن تمنح الأرضية الملائمة لتنمية المواهب والقدرات والطاقات العلمية، وتدفع الطالب إلى تلبية التوقعات التي تعوّل على تميزه. ومن المعروف أن التوقعات العالية من الأفراد تحفزهم إلى تلبيتها، وتمنحهم دافعية أكبر لبذل كل جهودهم لأجلها، ولاسيما في بيئة صحية مشجعة.
وتتمثل الرسالة الثانية في آلية الجائزة، فهي توسّع قاعدة المشاركة في ظل قواعد شفافة، وتبدأ في تدرُّجها من الجانب النظري وصولاً إلى الجانب التطبيقي، مُحاكيةً رحلة العلم التي تبدأ من النظرية لتُجسّدها لاحقاً في مُنتج ملموس الفائدة والتأثير. ويدرك الطلبة من خلال الجائزة أن العلم ليس مجرد معادلات ومسائل مكانها الكتب، بل إن اكتماله مرهون بتجسُّده على أرض الواقع حاملاً معه النفع والخير.
وتتعلَّق الرسالة الثالثة بالجهتين اللتين تتقاسمان الإشراف على الجائزة، وهما وزارة التربية والتعليم، وجمعية الإمارات لرعاية الموهوبين، صاحبة فكرة الجائزة. وتجسّد الشراكة بينهما تكاملاً وتناغماً بين المؤسسات العامة والخاصة في ابتكار الأفكار والمشروعات والمبادرات التي تلبي حاجةً مُلحَّةً في المجتمع. كما يكشف هذا التعاون عن حيوية المجتمع المدني في دولة الإمارات، وإدراكه دوره، وإسهاماته الملحوظة في مسيرة التنمية.
أما الرسالة الرابعة، فهي تختص بالدور المشرّف لكثير من رجال الأعمال في الدولة، فقد أشاد معالي حسين الحمادي، خلال الحفل، برجل الأعمال الدكتور محمد عمر بن حيدر، الذي دعم الجائزة منذ إنشائها قبل 11 عاماً. ويعكس هذا الدعمُ الحضورَ القوي لثقافة العطاء في المجتمع الإماراتي، وحسَّ المسؤولية الاجتماعية الذي تتسم به نُخب المال والأعمال في دولة الإمارات، إدراكاً منها لما توفره لها الدولة من ظروف تضمن نمو أعمالها وازدهارها.
وتدور الرسالة الخامسة حول الإطار أو البيئة الأوسع التي أنتجت مثل هذه المبادرة، وهي تتعلق بالدولة التي اختطَّت لها القيادة الرشيدة منذ تأسيسها طريقاً واضحاً، وحدَّدت الأولويات والركائز التي يقوم عليها انطلاقها بقوة إلى المستقبل المزدهر، ومن بينها محورية دور الإنسان في التنمية بوصفه صانعها ومحرّكها وقلبها النابض. وجائزة الإمارات للعلماء الشباب تُجسّد هذا المفهوم، وتعمل من أجل الوصول إليه.
وفي هذا السياق أيضاً يأتي إيمان الدولة وقيادتها الرشيدة بالعلم ومنجزاته شرطاً لتحقيق المكانة التي تصبو إليها، وبنائها مناخاً عاماً يقدّر العلم ويحترمه، وتكريسها كل الموارد والإمكانيات التي تضمن للدولة وأبنائها موقعاً على خريطة العلوم المتقدمة في العالم، وهو ما تتجلى نتائجه في مشروعات عملاقة، مثل «مسبار الأمل» الذي سينطلق بعد أيام قليلة في رحلته إلى المريخ، ليكتب فصلاً جديداً في سجل الفخر الوطني.

*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.