«مسبار الأمل ترجمة لثقافة اللا مستحيل التي كرستها دولة الإمارات منذ قيامها وتمارسها فكراً وعملاً ومسيرة»، تلك هي مقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والتي تُرسخ رؤية قيادة الإمارات منذ 1971 الرامية إلى رفع راية الدولة خفاقة، ووضع المواطن الإماراتي في صدارة شعوب العالم في مختلف المجالات العلمية والإنسانية. وتأتي مهمة «مسبار الأمل» الذي سينطلق يوم الأربعاء الخامس عشر من هذا الشهر، لتُدشن مرحلة جديدة من تاريخ الإمارات، ليس على سطح الأرض، بل في الفضاء وعلى سطح الكوكب الأحمر «المريخ» في المهمة العلمية التاريخية الأولى من نوعها في العالم العربي، والتي ستضع الإمارات من خلالها بصمتها، على الصعيد العالمي، ضمن الدول المتقدمة في قطاع الصناعات الفضائية، مما يساهم في دفع مسيرة المعرفة العالمية في مجال الفضاء. ومن المخطط له زمنياً، أن يبدأ المسبار في التقاط أولى صوره عالية الجودة لسطح «المريخ»، فور وصوله إلى مداره، بحلول فبراير 2021، وذلك تزامناً مع الذكرى الـ50 لقيام اتحاد دولة الإمارات، ولتحقيق العديد من الأهداف، والتي من أبرزها تقوية دور الإمارات لتكون دولة عالمية رائدة في مجال أبحاث الفضاء، وتشجيع التعاون الدولي المتعلق باستكشاف كوكب «المريخ»، وإلهام الأجيال العربية الناشئة، وتشجيعها على دراسة علوم الفضاء، ورفع مستوى الكفاءات الإماراتية في مجال استكشاف الكواكب الأخرى. 
اللافت للنظر أن مشروع «مسبار الأمل» لم يكن ليتحقق، لولا استيعاب قيادة الإمارات لنوعية التحديات التي ستواجه المهمة على أكثر من صعيد، والعمل على وضع أفضل الحلول لها. فعلى الصعيد العلمي، أدركت الإمارات مدى التقدم العلمي الذي أحرزته دول أخرى في مجال أبحاث الفضاء منذ عقود، ولذلك وضعت حكومة الإمارات هدفاً يتميز عن أهداف بقية دول العالم ذات الباع الطويل في أبحاث ومشاريع استكشاف الفضاء. فمسبار اﻷﻣﻞ يُعد اﻷول ﻣﻦ ﻧوعه لرصد التغيرات اﻟﻤﻨﺎﺧﯿﺔ ﻋﻠﻰ الكوكب الأحمر، ﺣﯿﺚ ﺳﯿﻘوم ﺑﺪراﺳﺔ ﻧﻈﺎم اﻟﻄﻘﺲ الخاص به بصورة شاملة وعميقة، ﻣﻦ ﺧﻼل رﺻﺪ التغيرات اﻟﻤﻨﺎﺧﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﻐﻼف اﻟجوي اﻟﺴﻔﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺪار اﻟﯿوم ﻷول مرة، وﻓﻲ ﻛﺎﻓﺔ أﻧﺤﺎء اﻟﻜوﻛﺐ وعبر ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟفصول واﻟمواﺳﻢ. ومن أجل تحقيق هذا الهدف، تم تزويد المسبار بـ«كاميرا الاستكشاف الإماراتية»، وهي كاميرا إشعاعية متعددة الطول الموجي، ستعمل على التقاط صور رقمية ملونة عالية الدقة للكوكب الأحمر خلال العواصف الرملية، ودراسة الطبقة السفلية للغلاف الجوي للمريخ من خلال الطيف المرئي وموجات الأشعة فوق البنفسجية، وقياس نسبة جليد الماء الموجودة في الطبقة السفلية من الغلاف الجوي، وقياس كمية الأوزون. ‬أما ‬التحدي ‬الثاني، ‬فيتعلق ‬بكلفة ‬المشروع ‬والذي ‬كان ‬من ‬أقل ‬المشروعات ‬المشابهة ‬كلفة ‬على ‬مستوى ‬العالم، ‬ولم ‬يتجاوز ‬200 ‬مليون ‬دولار.
أما التحدي الثالث، والذي كان له بالغ الأهمية في مواجهة كافة التحديات الأخرى وتجاوزها، فكان العنصر البشري المواطن. فمما لا شك فيه، أن قيادة الإمارات نجحت وبامتياز، منذ بزوغ فكرة الانطلاق إلى المريخ أثناء الخلوة الوزارية عام 2014، في إعداد وتأهيل جيل من المواطنين الذين ساهموا في تصنيع المسبار وأجهزته العلمية، وخاصة «كاميرا الاستكشاف الإماراتية» التي جرى تصنيعها وتركيبها في مركز محمد بن راشد للفضاء بدبي، بعقول وأيدي كوادر إماراتية شابة، بجانب جهود فريق العمل الإماراتي في التقليل الكبير في نفقات المشروع. والمحصلة، بدء أولى خطوات استكشاف العرب للفضاء من دولة الإمارات العربية المتحدة، لتعُم الفائدة على جميع الشعوب العربية.