في الوقت الذي تخطى فيه عدد الإصابات بفيروس كورونا 12.5 مليون، وقاربت الوفيات 600 ألف، يوجد هناك أكثر من 10 ملايين شخص شُفوا من مرضهم، لكن بناءً على أن كوفيد-19 لم يظهر إلا من بضعة شهور، لا زالت المضاعفات الجانبية طويلة المدى، لمن شفوا منه، مجهولة حتى الآن، ولذا يحاول الباحثون الاعتماد على مقارنات سريرية مع أمراض أخرى، تسببت فيها أنواع أخرى من مجموعة فيروسات كورونا، وبالتحديد «السارس»، ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، فعلى سبيل المثال، مرض السارس الذي ظهر عام 2003، يتشابه كثيراً في الأعراض وفي الصفات مع كوفيد-19، مثل كونه يؤثر بشكل أكثر خطورة على من تخطوا سن الستين، ووفق دراسة طويلة المدى أُجريت في هونج كونج، ظهر أنه بعد مرور عامين على الشفاء من السارس، ظل واحد من كل اثنين من المصابين سابقاً، يعاني من ضيق في التنفس أثناء بذل مجهود أو عند ممارسة النشاط الرياضي، كما أن الحالة الصحية العامة لهم كانت أقل بشكل واضح، ممن لم يصابوا بالمرض، كما أنه بعد مرور عام من تشخيص الإصابة بالمرض، تمكن 78 في المئة فقط ممن شُفُوا من السارس من العودة لوظائفهم وأعمالهم.
وأظهرت دراسة أخرى، أجريت أيضاً في هونج كونج، أن 40 في المئة ممن تعافوا من السارس، ظلوا يعانون من أعراض الإرهاق المزمن، لثلاث سنوات ونصف بعد شفائهم، وهو ما يتوافق مع المعروف من أن بعض أنواع العدوى الفيروسية تتسبب في «منظومة الإرهاق المزمن» (Chronic Fatigue Syndrome)، والتي قد تستمر لشهور وسنوات.
وفيما يخص كوفيد-19 بالتحديد، وعلى حسب المعرفة التي تراكمت خلال الشهور الماضية، من المثير للدهشة بشكل كبير، طول الفترة التي تلازم أعراض المرض المصابين، ففي البداية كان يعتقد أن فترة النقاهة بعد الشفاء من كوفيد-19 تستغرق أسبوعاً أو أسبوعين، لكن مؤخراً اتضح أن العديد من المرضى ظلت الأعراض تلازمهم خلال فترة النقاهة، ولفترة قد تستمر لثماني أو عشرة أسابيع، أو أن تختفي الأعراض لتعود لاحقاً بقوة وشدة.
ووفق تطبيق طُوِّر في جامعة كنجز كولج لندن، يقوم من خلاله المرضى السابقون بتسجيل حالتهم الصحية، وأية أعراض قد تظهر عليهم، ظل 200 ألف منهم يسجلون أعراضاً مختلفة بعد الشفاء، ولمدة ستة أسابيع منذ إطلاق التطبيق، وهو ما قد يستمر لأسابيع أخرى. 
والواضح حتى الآن أن المجتمع الطبي لا يزال يتحسس طريقه مع هذا المرض، ولا زالت المعرفة الطبية تتراكم بمرور الوقت حول طبيعته، وآثاره قصيرة المدى، وطويلة المدى، خصوصاً مع تعمق الإدراك بأن الفيروس لا يصيب الرئتين فقط، بل يؤثر على عدة أعضاء في الجسم، مما يجعل التعامل معه من المنظور الطبي أمراً بالغ التعقيد.

*كاتب متخصص في القضايا الصحية والعلمية