بتاريخ 2 يونيو 2018، كتبت مقالاً في «الاتحاد» بعنوان «هل هبطنا من المريخ؟!»، يتناول شعور البعض من رواد التواصل الاجتماعي والإعلام التقليدي بالعجز والإحباط، نتيجة لحضور دولة الإمارات الإيجابي في المشهد الإقليمي، ولا يملكون إلا استدعاء الحقد والكراهية، والقول بأن الإمارات دولة لا يتجاوز عمرها نصف قرن! بل ذهب بعضهم في استخفافه إلى حد الزعم بأن عمر الإمارات لا يتجاوز عمر شخصية أو مؤسسة معينة في أي بلد عربي آخر! 

انطلاق رحلة «مسبار الأمل»، الأسبوع الماضي، من مركز «تانيغاشيما» الفضائي الياباني نحو المريخ، مثّل فخراً لكل العرب، قبل أن يكون فخراً للإمارات فقط، لكن للأسف سمعنا بعض الأصوات النشاز المصرة على أن الإبداع والعلوم والتكنولوجيا والتقدم صفات تتميز بها جميع جنسيات العالم، باستثناء الجنسية العربية أو الخليجية! وأن تصنيع المسبار كان في الولايات المتحدة بسواعد غربية فقط، وهذا غير صحيح مطلقاً، بل مجرد إسقاط يهدف إلى النيل من قفزة علمية رائدة حققتها الإمارات بصناعة هذا المسبار على أيدي ما لا يقل عن 400 شخص من جميع أنحاء العالم، نصفهم من الإماراتيين والعرب، منهم نحو 35% نساء. وهذا علماً بأن المهندسين الإماراتيين حصلوا على التدريب اللازم لسنوات عدة لتأهيلهم بشكل وافٍ قبل الإقدام على تنفيذ هذا المشروع. أما عن استخدام صاروخ وقاعدة يابانية، فلا أعلم ما العيب في التعاون التقني مع دول متقدمة في هذا المجال مثل اليابان وغيرها.

ومهما سردنا من حقائق لهؤلاء الحاقدين فلا فائدة معهم، فالحقد قد أعمى بصيرتهم، لكننا سنسايرهم ونعترف لهم أن الحنين إلى «الموطن الأصلي» (ألم يزعموا أننا جئنا من المريخ؟!) هو ما دفعنا لهذا المشروع! ورغم أن الحقائق والحفريات على أرض الإمارات، تقول إن المواقع والمكتشفات الأثرية والمستوطنات والمدافن البشرية فيها تعود إلى آلاف السنين قبل الميلاد، وتؤكد وجود حضارات قديمة بشهادات بعثات تنقيبية غربية.. فهناك من هؤلاء من يتحدث ببساطة عن «تزوير التاريخ»! وقد يسأل متسائل: وماذا عن المباني القديمة في بعض الأماكن التاريخية والتي يصل عمرها إلى نحو 3 آلاف عام قبل الميلاد؟ وماذا عن تلك التي تعود إلى ما بعد الميلاد، مثل مسجد «البدية» في الفجيرة الذي بُني عام 1446 للميلاد، ولا تزال الصلوات تقام فيه؟ وماذا عن الشخصيات التاريخية العديدة التي عاشت على هذه الأرض منذ مئات السنين، ولها الكثير من الإنجازات؟ وماذا عن الملاحم التاريخية التي سطرها الأجداد بدمائهم منذ العام 1507؟


أما الذين تهكّموا بأن الإمارات غير قادرة على صناعة مسبار فضائي (!)، فإن مساحة المقالة للأسف لا تسمح بسرد أنواع الصناعات الإماراتية كافة، ولكن بنظرة سريعة على قطاع الصناعات العسكرية لدينا، سيدرك المكابرون أن الإمارات استطاعت بناء قاعدة صناعية دفاعية محلية رائدة ومتطورة في منطقة الشرق الأوسط، ونظراً لجودتها وتكنولوجيتها العالية، يتم طلبها للتصدير عالمياً، كالسفن والمدرعات والطائرات الخفيفة. كما تملك الإمارات أحد أفضل المصانع في العالم لتصنيع أجزاء هياكل الطائرات من المواد المركبة المتطورة، وأبرمت عقوداً مع شركات عالمية لتزويدها باحتياجاتها من معدات الطائرات الأصلية. هذا بخلاف الصناعات الأخرى في مجال الطاقة المتجددة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وغيرها.