مع الاستقطاب السياسي في المنطقة الذي وصل إلى حد التطاول على رموز سياسية لاقت ربها، هناك عدة خيارات للتعامل مع الحروب الكلامية: إما بتجاهلها لتفادي التصعيد، أو فضح الأكاذيب لعامة الناس من خلال القنوات غير الرسمية، أو توضيح الحقيقة عن طريق القنوات الرسمية، أو باستخدام أسلوب السخرية والكوميديا للتقليل من أهمية المصدر بحيث لا يأخذه الجمهور على محمل الجدية. ولعل أفضل طريقة للرد على الهجوم المتكرر هو أسلوب السخرية لكي لا ينظر لمن يقومون بالهجوم بجدية وتفادي تبعات التجاهل بعدم الرد ومنها تصديق ما يقال. 
هناك عدة أوجه للكوميديا السياسية الساخرة لكن أكثر وسيلة إعلامية مؤثرة هي برامج الكوميديا السياسية الساخرة الأسبوعية. فنظرية الغرس تقول كلما زاد الوقت الذي يقضيه الجمهور في المشاهدة كلما زاد احتمال التأثير. كما أن في المناطق المضطربة كمنطقتنا المشتعلة ومع كثرة الأحداث المتتالية، يميل الناس إلى النسيان، كذلك طبيعتهم عاطفية فلابد من تذكيرهم بتصريحات قديمة لمن يهجمون ومقارنتها بما يقولونه حالياً لإظهار تناقضاتهم.
إن تعريف الكوميديا السياسية الساخرة هو تفريغ غضب الجماهير وسخطها من خلال السخرية من العامل الذي يغضبهم، وبالتالي يحجم عامل السخط ويصغر بطريقة تثير ضحك الجماهير. كذلك تعتبر الكوميديا السياسية أفضل أداة للقوة الناعمة لمواجهة الهجوم والحروب الكلامية ومن أهم فوائدها: تحطيم هيبة الهجومي وبالتالي أي رسالة يريد توصيلها لن تؤخذ بجدية لأنه قد تم تصغيرها والسخرية منها، الحد من احتمالية تجنيد الفئات المستهدفة، التأثير في الروح المعنوية للهجوميين وتشتيت تفكيرهم فبدل التركيز على الهجوم الممنهج سيكون التركيز على الدفاع. 
وقد وجدت الدراسات أن أكثر الأشخاص الذين يشاهدون برامج الكوميديا السياسية الساخرة هم من ليس لهم اهتمام كبير بالسياسة وفئة الشباب ومن هنا تكمن أهمية هذه البرامج لاستقطاب فئة مهمة في المجتمع ممكن ضمها لصفوف معادية خاصة في المرحلة الاستقطابية التي نعيشها، وهذا لا بد من إدراك أهميتها وتأثيرها. ففي مقابلة مع الساخر، أحمد البشير، في «معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى» ذكر أن البرنامج قام على تعزيز القومية العراقية خاصة بين فئة الشباب أكثر مما فعلته وسائل الإعلام الحكومية، كما أشار إلى أهمية أن تكون نسخة من البرنامج باللغة الإنجليزية لكي تصل للعالم الخارجي، وهذا عكس ما قام به الساخر باسم يوسف بالسخرية من كل ما يعتبره الشعب المصري وطنياً مما أدى إلى فشل برنامجه. 
لقد نجحت قناة «إم بي سي» في بث برامج من هذا القبيل مثل «هايبر لوب» وتحديداً فقرة «نادي المرتزقة» وبرنامج «مخرج رقم 7»، لكن بث هذه البرامج في شهر واحد سنوياً وفي فقرات صغيرة لن يكون لها التأثير الكبير على المجتمع، بل المطلوب برامج على مدار السنة، فبرامج الكوميدية السياسية الساخرة لا تقل أهمية عن البرامج الجادة إن لم تكن أهم خاصة لفئة الشباب.
* باحثة سعودية في الإعلام السياسي