تركيا تتحرك في سياساتها الآنية بثلاثة أرجل وبمقاسات مختلفة، واحدة مغروسة في ليبيا، وثانية معلقة في الداخل، والثالثة ممتدة نحو أذربيجان.
لا نعرف ما هو السر في أن يبقى صوت النفط عالياً في سياسات تركيا، حيث أكد الجيش الوطني الليبي، أن خبراء أتراك ومرتزقة يدخلون إلى مصفاة «الزاوية» للاستيلاء على الوقود، وقد صرح أيضاً: «أن التواجد التركي في ليبيا، يهدف إلى السيطرة والاستيلاء على ثروات الشعب الليبي، وكذلك يهدف إلى السيطرة على النفط».
هل تحتاج تركيا إلى غزو ليبيا لتحصل على حاجتها من النفط، فهل قامت بغزو روسيا وإيران لتحقيق ذات الهدف، أم تم ذلك عبر سلسلة من الاتفاقيات الاعتيادية؟!
وللاستدلال على حركة الأرجل التركية الممتدة في أكثر من اتجاه، يناقش أردوغان نظيره الروسي الصراع بين أذربيجان وأرمينيا، والتطورات في ليبيا وسوريا.
ومن ناحية أخرى، تدعو السفارة الأميركية في ليبيا «حكومة الوفاق» إلى تسريح «الميليشيات العنيفة» ونزع سلاحها، وتشدد على الحاجة الملحة لمغادرة القوات الأجنبية والمرتزقة للأراضي الليبية، والمساعي العربية ماضية في البحث عن مخرج سلمي للأزمة الليبية، التي طال زمن المعاناة فيها أكثر مما كان متوقعاً، ففي المؤتمر الصحفي المشترك لوزيري الخارجية السعودي والمصري، أكد الأمير فيصل بن فرحان على دعم إعلان القاهرة بشأن ليبيا، وضرورة إبقاء ليبيا بعيدة عن التدخلات الخارجية.
وأوضح وزير الخارجية المصري سامح شكري، أن «الموقف المصري يسعى للاستقرار في ليبيا، وقمنا بالتواصل مع عدد كبير من الدول الشقيقة والصديقة مؤخراً لمناقشة التطورات في ليبيا».  لم تنته تركيا من ورطتها في ليبيا بعد، حتى انتقلت إلى التدخل في الأزمة الأرمينية - الأذربيجانية، فقد وصلت قوات تركية إلى عاصمة أذربيجان «باكو»، للمشاركة في مناورات عسكرية مشتركة واسعة مع أذربيجان. وأقيمت مراسم لاستقبال الجنود الأتراك، عقب وصولهم بطائرة تابعة لسلاح الجو التركي، هذا الوضع يعني بأن تركيا ستدخل أيضاً في صراع آخر مع روسيا في هذه المنطقة، التي قال عنها بوتين: «إن التوتر على الحدود بين أذربيجان وأرمينيا شديد الحساسية لروسيا». الرئيس الروسي أشار خلال اجتماعه مع مجلس الأمن الروسي، إلى أن «علاقاتنا مع بعض دول رابطة الدول المستقلة مهمة، والأهم من ذلك الوضع على الحدود الأرمينية الأذربيجانية، فهو حساس للغاية بالنسبة لنا».
ما الهدف من فتح هذه الجبهة في هذا الوقت، بعد مرور أكثر من عقدين على الحرب، التي اشتعلت بين أرمينيا وأذربيجان من 1991 إلى 1994.
قالت عضو البرلمان الآذري عن منطقة «توفوز»: إن اعتداءات أرمينيا على أذربيجان تستهدف المشاريع التركية، كخطوط الطاقة والنقل، والتي تمر عبر المنطقة الوحيدة، التي تصل بين أذربيجان وتركيا عبر جورجيا.
أما الداخل التركي، فليس بأقل سخونة، فقد دعت ال«Human Rights Watch»، تركيا إلى إجراء تحقيق في تورط قوات الأمن في حالات تعذيب وسوء معاملة المعتقلين أو المشتبه بهم، وقالت المنظمة: إن الحالات التي اطلعت عليها توضح نمطاً مقلقاً من الاعتقالات العنيفة، والضرب، وغيرها من الانتهاكات.
وعلى مستوى حرية التعبير في الفضاء الإلكتروني، فإن الوضع لا يختلف عن سابقتها حيث أقر البرلمان التركي، قانوناً مدعوماً من الحكومة ينظم وسائل التواصل الاجتماعي، لكن منتقدين يقولون: إنه سيزيد الرقابة ويساعد السلطات على إسكات المعارضة.
ويشترط القانون على مواقع التواصل الاجتماعي الأجنبية، تعيين ممثلين في تركيا لمعالجة مخاوف السلطات بشأن المحتوى.
وقد وصلت هذه المخاوف الداخلية إلى قلب الأجهزة الاستخبارية في الخارج، حيث كشفت وثائق سرية أن السفارة التركية في العاصمة الكندية أوتاوا تجسست على منتقدي «أردوغان»، في كندا، ووفقاً تقرير استخباراتي أرسِل إلى مكتب المدعي العام بأنقرة، إنه تم التجسس على نحو 24 شخصاً من مواطنين كنديين ومقيمين، في وثيقة تُعَدُّ اعترافاً علنياً، لأول مرة، بأنشطة الاستخبارات التركية داخل دولة حليفة.
*كاتب إماراتي