تمثل الاجتماعات المتوالية التي يعقدها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، مع أعضاء الحكومة من أجل مناقشة خطط العمل المستقبلية للوزارات، أساساً قوياً لعملها خلال السنوات المقبلة، وتسهيلاً للتنسيق والتعاون وتوحيد الجهود، وتحقيق الأهداف الطموحة التي وضعتها القيادة الرشيدة. ففي 17 أغسطس الجاري، كان الاجتماع لمناقشة خطة عمل وزارة الدولة للاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي، وفي 18 أغسطس، ناقش سموه ملف الاقتصاد مع الوزراء المختصين، وفي 23 أغسطس، نوقش ملف الأمن الغذائي والمائي. وفي 25 أغسطس، نوقشت الإجراءات المتعلقة بالعام الدراسي الجديد.
وتقدِّم هذه الاجتماعات للمعنيين وللجمهور صورة شفافة عن الرؤى والأطر التي تحكم العمل المستقبلي في الملفات محل النقاش، لتكون مسارات المستقبل واضحة للجميع، وليتاح للفعاليات المجتمعية أن تناقشها وتطور ما يحتاج منها إلى تطوير، بما يعزز مشاركة المجتمع في صناعة القرار واتخاذه، خاصة مع ما تتسم به الحوارات المجتمعية في الدولة من رشد واعتدال، ورغبة صادقة في إفادة المجتمع. وفي هذا الإطار جاء اجتماع يوم الأربعاء الماضي الموافق 26 أغسطس الجاري، الذي اطلع فيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، على خطط العمل المستقبلية لوزارة الثقافة والشباب، وتابع مُستجدَّات الاستراتيجية الوطنية للشباب. 
وفي الجانب الثقافي، وجَّه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، بـ «إعداد استراتيجية وطنية متكاملة لتطوير قطاع الصناعات الثقافية والإبداعية في دولة الإمارات، والعمل كي يكون المنتج الثقافي والإبداعي أحد الروافد الاقتصادية». ويتضمن هذا التوجيه الـمُحكم دلالات ومعاني مهمة: أولها أن وضع «الاستراتيجية الوطنية» يعكس ضرورة الرؤية الشاملة والموحدة والمنسجمة التي تمثل معياراً واضحاً توضع في ضوئه الخطط والمسارات، وتُحدَّد المشروعات والمبادرات، ذلك أن غياب الرؤية الكلية ينطوي على إمكانية تشتت الجهود أو تعارضها. 
والدلالة الثانية تتعلق باستخدام تعبير «الصناعات الثقافية الإبداعية»، التي وصفتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) بأنها «من أسرع الصناعات نمواً في العالم، وقد ثبت أنها خيار إنمائي مستدام يعتمد على مورد فريد ومتجدد، هو الإبداع البشري. ويُقصد بمصطلح الإبداع، قدرة الإنسان على وضع حلول وأفكار جديدة ومبتكرة، نابعة من الخيال، أو من مهارة الابتكار». وهذا الفهم للثقافة وطبيعتها ودورها يتفق مع القيم التي تعمل دولة الإمارات على تعزيزها في المجتمع، ولاسيما الابتكار والإبداع والاعتماد على الموارد البشرية بوصفها المصدر الأهم للثروة، وحشد كل الجهود لتحقيق التنمية المستدامة.
وفي السياق ذاته تأتي الدلالة الثالثة، وهي تظهر في النظر إلى الثقافة بوصفها «أحد الروافد الاقتصادية»، حيث تُعتبر الجدوى الاقتصادية للمُنتج الثقافي، وقدرته على المنافسة، معياراً مهماً في قياس قدرته على تلبية الاحتياجات الثقافية ومدى فاعليته وتأثيره.
هذه الرؤية الشاملة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، تُكسب المحاور التي عرضتها معالي نورة الكعبي وزيرة الثقافة والشباب، خلال الاجتماع، آفاقاً جديدة، سواء فيما يتعلق بسعي الوزارة إلى أن تكون «حاضنة رئيسية تعمل على توفير التمويل والتدريب والتوجيه للمواهب الوطنية» من أجل «صناعة منتج وطني إبداعي قادر على الانتشار والمنافسة عالمياً»، أو إنشاء «منظومة متكاملة للتراث الإماراتي»، وكذلك ملف «استراتيجية الهوية الوطنية»، وإعداد وتنفيذ مبادرات الأجندة الوطنية للغة العربية.
ويعكس الجمع بين ملفي الثقافة والشباب في الاجتماع إدراكاً للارتباط الوثيق بينهما، ذلك أن الشباب هم الفئة الأكبر التي تستهدفها جهود الدولة في المجال الثقافي، وهم أيضاً الأكثر قدرة على المشاركة في إنتاج محتوى ثقافي يلائم متطلبات العصر وشروطه. وقد عبر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، عن ذلك بحكمته المعهودة، قائلاً: إن «الصناعات الثقافية والإبداعية محرك أساسي لارتقاء مجتمعنا.. والشباب هم الرافعة لتسريع مسيرة دولتنا التنموية في شتى المجالات».