يصادف اليوم السبت الخامس من سبتمبر، اليوم الدولي للعمل الخيري، الذي حددت فيه الأمم المتحدة مجموعة من الأهداف الدولية المشتركة، التي تصب في القضاء على الفقر بجميع صوره وأشكاله وأبعاده، لتحقيق التنمية المستدامة، وتعزيز روح التضامن العالمي. ولدولة الإمارات العربية المتحدة دورٌ إنساني رائد في مجال العمل الخيري على المستوى الدولي، منذ عهد المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي عُرِف في مختلف بقاع الأرض بـ «زايد الخير»، لما كان يملكه من حسّ إنساني بالغ، ودور مؤثّر في إرساء القواعد المتينة للعمل الإماراتي الخيري الذي عمّ دول العالم كافة.
وتنطلق دولة الإمارات في مساعداتها وأعمالها الخيرية من مبادئ الدين الإسلامي الحنيف والقيم الإنسانية المشتركة، التي تقوم على إعلاء روح التضامن، ولا ترتبط بأي معايير ذات علاقة بالتوجهات السياسية للدول المستفيدة، ولا البقعة الجغرافية، ولا العرق ولا اللون ولا الطائفة أو الديانة، إنما تراعي في المقام الأول والأخير الجوانب الإنسانية التي تتمثل في تأمين احتياجات الشعوب ومساعدتها مادياً ومعنوياً، إذ تتركز مبادرات الدولة الخيّرة في المناطق التي تشهد صراعاتٍ وحروباً، وفي الأماكن التي تتعرض للكوارث الطبيعية والأعاصير والفيضانات، إيماناً منها بواجبها الحضاري في تخفيف وطأة الأوضاع الإنسانية المتردية، ودعم التنمية، وتحقيق الاستقرار الذي يمثل هدفاً رئيسياً لتحقيق ازدهار الشعوب.
وعملت دولة الإمارات على ربط مساعداتها بأجندة التنمية المستدامة 2030 وأهدافها، التي تصبّ في مكافحة الفقر والجوع، وتمكين النساء والفتيات، وتوفير الرعاية الصحية والفرص التعليمية، والمحافظة على البيئة ومجابهة آثار التغير المناخي، وتوفير فرص العمل اللائق للشباب، الأمر الذي جعل المساعدات الخارجية الإماراتية تقوم على مجموعة من القواعد، أهمها: استشراف المستقبل والاستجابة للمتغيرات العالمية، وإدراك حاجة الشعوب المتزايدة إلى المعرفة والتكنولوجيا المتطورة كمتطلبات أساسية للتنمية.
وتتولى مؤسسات الدولة أمر الإشراف على العديد من المشروعات الخيرية والإنسانية وتنفيذها، بما يخدم البشرية في كل مكان، حيث يعمل قطاع المساعدات الخارجية الإماراتية تحت منظومة فاعلة تضمّ العشرات من الجهات المانحة، التي تعمل معاً لدعم الفئات الأكثر ضعفاً وهشاشة وتمكينهم، وتقديم المساعدات المالية والعينية التي تتجاوز نطاق الدولة إلى كل مكان، من خلال الهيئات الحكومية المحلية والاتحادية، إلى جانب مؤسسات القطاع الخاص، والجمعيات الخيرية والإنسانية التي تبذل جهوداً تنسيقية وتعاونية كبيرة في سبيل إيصال الدعم إلى مستحقيه من شعوب الأرض المعوزة والمتضررة.
وفي ظل جائحة فيروس كورونا المستجد «كوفيد-19»، التي ألحقت أضراراً اقتصادية واجتماعية طالت شعوب المنطقة والعالم، أطلقت دولة الإمارات حزماً من المساعدات الإنسانية، الدوائية والغذائية، تمثلت بإرسال طائرات مساعدات محمّلة بالإمدادات الطبية إلى دول عدة، استفاد منها العاملون في مجال الرعاية الصحية، وعززت من جهودهم في احتواء انتشار الفيروس ومكافحته. كما كثفت الدولة جهودها في تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية للدول المتضررة من الأزمات والكوارث، وأبرزها لبنان الذي عانى كثيراً إثر انفجار مرفأ بيروت مطلع أغسطس الماضي، الذي ألحق أضراراً كثيرة طالت الأرواح والممتلكات، فقد توجهت مؤخراً باخرة مساعدات إماراتية تحمل على متنها 2400 طن من المواد الإغاثية المتنوعة إلى العاصمة اللبنانية، وذلك ضمن البرنامج الإنساني والإغاثي الذي تنفذه هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، للتخفيف من المعاناة الإنسانية الناجمة عن كارثة الانفجار، ودعم المتأثرين بتداعياته.
إن دولة الإمارات، قيادة وحكومة وشعباً، تتطلع بعين الأمل وروح الإصرار إلى القضاء على كل صور المعاناة الإنسانية، من خلال التأكيد على تأصيل قيم التكاتف والتضامن بين الناس، وتكريس الجهود والممارسات الرامية إلى خدمة البشرية، وتحقيق مستقبل مستدام للأجيال القادمة، تعيش وتعمل فيه ضمن منظومة حماية اجتماعية تحقق لها العدالة والمساواة، وتعزز من قدراتها على مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأهمها البطالة والفقر، وغياب الأمن والاستقرار.

* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.