نجحت دولة الإمارات العربية المتحدة في تغيير النظرة إلى العمل الحكومي ليصبح مرتبطاً بالكفاءة والفاعلية والتطور المستمر، والاستجابة السريعة للمتغيرات ووضع معايير عالية للأداء، بعد أن ظل العمل الحكومي مرتبطاً في الأذهان بالبيروقراطية والبطء والتكلس. وقد عبَّر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، عن الهدف الذي تتطلع الدولة إلى تحقيقه في العمل الحكومي، بقوله: «نريد أن تكون حكومة دولة الإمارات أفضل حكومة في العالم، نريد من كل وزارة وهيئة حكومية أن تكون الأفضل من نوعها بالعالم في المرحلة القادمة من التميز الحكومي. هذا هو المعيار والمقياس لأداء الجهات الحكومية في الدولة».
وعبر سنوات طويلة من العمل والجهد أصبحت دولة الإمارات رمزاً عالمياً للنجاح في تطوير الأداء الحكومي وجودة الخدمات التي تُقدمها المؤسسات الحكومية، واكتسبت الكوادر الإماراتية خبرات مهمة من خلال تفعيل روح التطوير والابتكار، وتوفير فرص التأهيل والتدريب في مجال العمل الحكومي، وكانت المحصلة تراكم كمّ هائل من المعرفة الأصيلة والعميقة لدى عدد كبير من أبناء الدولة الذين شاركوا في ملحمة التطوير على أرض الواقع.
وفي سعيها المستمر إلى دعم جهود التنمية في الدول الشقيقة والصديقة، عقدت دولة الإمارات شراكات في مجال تحديث العمل الحكومي مع عدد من الدول، من بينها مصر (أبريل 2018) والأردن (يونيو 2018) والبرتغال (فبراير 2018) وأوزبكستان (أبريل 2019)، تقوم على نقل الخبرات والتجارب الإماراتية إلى هذه الدول لمساعدتها على تطوير العمل الحكومي، وذلك من خلال أنشطة مختلفة مثل المحاضرات وورش العمل، وتطبيق بعض الأفكار التي سبق لدولة الإمارات أن طبّقتها بنجاح.
وفي إطار الشراكة، نظمت حكومة الإمارات مؤخراً برامج تدريب عن بُعد لموظفين في مصر والأردن وأوزبكستان، ركزت على تقديم خدمات مبتكرة للمتعاملين، وتحديات تقديم الخدمات في ظل قيود «كوفيد-19»، فقد استعرض مدرِّبون من الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية في الدولة التجربة الإماراتية الناجحة في العمل عن بُعد مع زملاء لهم من مؤسسات حكومية مصرية مختلفة. وتناولت الفعالية التي عُقدت مع الجانب الأردني موضوع «الابتكار في العمل الحكومي»، وشاركت فيها كوادر إماراتية متخصصة في الابتكار من برنامج الشيخ زايد للإسكان، ووزارة التربية والتعليم، ووزارة الصحة ووقاية المجتمع، ووزارة الداخلية، ومركز محمد بن راشد للابتكار الحكومي. أما الفعاليات المشتركة مع أوزبكستان، فقد تضمنت ورشتين تفاعليتين افتراضيتين، أولاهما حول «التصميم الذكي للخدمات» بالاستفادة من تجربة الإمارات، والثانية حول «الاقتصاد والسياسة العامة ما بعد كوفيد-19»، تحت إدارة أحد أكاديميي «كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية».
وللحصول على صورة أوضح لجهود التدريب التي تضطلع بها الكوادر الإماراتية، يمكن الإشارة إلى أعداد المتدربين المصريين حتى بداية أكتوبر 2019، فقد استفاد 3700 موظف من نحو 45 ألف ساعة تدريبية في مجال التميز الحكومي، تضمنتها سلسلة من الورش التدريبية الفنية، و2400 موظف من 35 ألف ساعة تدريب في تطوير العمل الحكومي في مجالات مختلفة، عبر ورش عمل وبرامج تدريبية وزيارات ميدانية. وعلى الجانب الأوزبكي، بلغ عدد المستفيدين حتى منتصف أبريل 2020، بعد سنة واحدة من الشراكة الإماراتية - الأوزبكية أكثر من 1500 موظف بواقع 29 ألف ساعة تدريبية، قدمها نحو 50 مدرباً.
وتكشف الأرقام السابقة عن طاقات إماراتية كبيرة، وقدرة على تنفيذ برامج تدريبية ضخمة ومؤثرة في مجال تحتاج إليه كثير من دول العالم، كما أن تنوع الجهات التي شاركت في التدريب يشير إلى اتساع القاعدة البشرية الإماراتية التي تمتلك مهارات رفيعة، وتغطيتها مجالات بالغة التنوع في العمل الحكومي بمختلف مستوياته. كما يشير هذا الجهد إلى أن دولة الإمارات تستثمر الآن «فائض المعرفة»، الذي نجحت في تحقيقه، وتعزز قوتها الناعمة عبر كوادر بشرية متفوقة ذات خبرات رفيعة.

*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.