يشهد العالم تغيرات كبيرة، وتحولات جذرية في توازن القوى السياسية والاقتصادية، ربما لم نشهدها منذ فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، مروراً بالسبعينيات، حين ترسخت الهيمنة الغربية على مجرى السياسة والاقتصاد الدوليين. وفي سياق هذه التغيرات والتحولات، نلحظ أن العالم الإسلامي ليس بمنأى عنها.
إن «منظمة التعاون الإسلامي»، هي ثاني أكبر منظمة حكومية دولية بعد الأمم المتحدة، وتضم في عضويتها 57 دولة عضواً، موزعة على أربع قارات. ولطالما اعتبرت هذه المنظمة الصوت الجامع للعالم الإسلامي الذي يضمن ويحمي مصالحه في المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. وتضم قمة منظمة التعاون الإسلامي ملوك ورؤساء الدول ورؤساء حكومات الدول الأعضاء، وهي السلطة العليا للمنظمة، وتعقد اجتماعات قممها مرة كل ثلاث سنوات، آخرها كانت قمة كوالالمبور عام 2019.
وقد تأسست المنظمة بعد حريق الأقصى في 21 أغسطس 1969، على أساس «مبادئ الدفاع عن شرف وكرامة المسلمين، المتمثلة في القدس وقبة الصخرة»، وذلك كمحاولة لإيجاد قاسم مشترك بين جميع فئات المسلمين. وطوال العقود الماضية، كانت المنظمة تتبنى تلقائياً مواقف الدول العربية في إطارها. لكن يبدو أن العديد من الدول الإسلامية الكبرى غير العربية باتت تسعى لاتخاذ مواقف أكثر تبايناً مع المواقف والمصالح العربية. بمعنى أن الصوت الإسلامي غير العربي بات يعمل لحسابه الضيق، عبر إنشاء تحالفات هدفها نقل مركز ثقل العالم الإسلامي إليه.
وبطبيعة الحال، وحتى لا يتم الخروج من الثوب الإسلامي المحدد من قبل المنظمة، تؤكد هذه الدول بأن مساعيها هدفها إيجاد محرك يمكنه دفع الدول الإسلامية، عند اللزوم، ضد أي خطر يتعرض له الإسلام والمسلمون في العالم. وفي هذا السياق، جاء ما يسمى «التحالف الإسلامي» الذي دعا له مهاتير محمد، خلال عودته القصيرة وغير الموفقة لرئاسة الحكومة الماليزية، واستجابت له تركيا بقيادة أردوغان، ثم باكستان التي تراجعت لاحقاً.. وذلك بهدف معلن في الظاهر، هو العمل على حل القضايا الكبرى التي تتعرض لها الدول الإسلامية والتصدي لهجمة الإسلاموفوبيا! ومعلوم أن ما يجمع هذه الدول ويميزها عن الدول الإسلامية الأخرى، هو الطاقة البشرية الهائلة، إلى جانب تمتع بعضها بالقوة السياسية والاقتصادية النسبية.
لكن هذه الدول –للأسف– تزعم أن «منظمة التعاون الإسلامي» يقودها العرب، وهي ترغب في تشكيل كتلة إسلامية بديلة، أو بمعنى آخر منظمة لا أثر ولا صوت فيها للعرب! 
وفي ظل منظور شوفيني ضيق كهذا، وما يرتبط به من حسابات وأجندات معروفة الآن للجميع، نتساءل: هل تتغلب الصيغة الإسلامية الجامعة على صيغ السيادات السياسية الأضيق، سواء أكانت تركية أم ماليزية أم سوى ذلك؟!