أنتشر مقطع فيديو حديث العهد، هذه الأيام عبر التواصل الاجتماعي، وبعض المحطات المتلفزة، حول أشكالية انسحاب البرلمان الفرنسي من الجلسة المقررة لدراسة ومناقشة وضع الطلاب الفرنسيين ومستقبلهم وتطلعاتهم وآمالهم، وقد انسحب أعضاء البرلمان الفرنسي من القاعدة والجلسة المنعقدة المقررة، بحجة أن هناك طالبة (محجبة)، موجودة من ضمن الطلبة الذين حضروا البرلمان، مبررين الانسحاب والاحتجاج وإلغاء الجلسة، إن هذا الهندام يتنافى مع ثقافة المجتمع الفرنسي، وحضرت الطالبة الفرنسية (مريم بوجتو)، ويبدو أنها غير عربية ولكنها مسلمة، ولم يشفع لها تميزها بالدراسة ولا مواطنتها ولا أسمها الأول، ولا حتى الأخير!
ورغم اعتراض بعض الفرنسيين وزملائها على هذا التصرف، والذي وصفوه بأنه تصرف إقصائي في بلد يدعي الحضارة والانفتاح والديموقراطية والمساواة واحترام الآخر.
واستغرب المغردون هذا التصرف ضد مواطنة وطالبة فرنسية لم تقم بأي أذى أو عمل مشين ضد بلدها فرنسا، فقط لأنها مرتدية الحجاب، مع أن الأعضاء كلهم يغطون وجوههم (بالكمامات).
كل الأديان السماوية شرعت وأوصت وأقرت بالحجاب، أو غطاء رأس المرأة حتى قبل الإسلام وبعده، لأن هذه توصية ورغبة إيمانية وحشمة ووقار ليس لها علاقة بدين أو مذهب أو طائفة بعينها، والدليل أنهم يعلقون صور السيدة مريم العذراء، وهي محجة في بيوتهم وسياراتهم وأمكنة أعمالهم، بل حتى على صدورهم.
والآن الحجاب أصبح عند الغرب يرمز إلى رفض الاندماج والانخراط في المجتمع، وهذا غير مبرر وغير صحيح بل غير منطقي أصلاً، لأن الحجاب وغطاء رأس المرأة وجد منذ الخليقة، وانتشر في أوروبا منذ القدم بشكل واسع وملحوظ، وهو موجود منذ عام 1899م، وذكر في التوراة والإنجيل وكل الكتب السماوية، كانت المرأة في الغرب لا تخرج من منزلها إلا وهي تغطي رأسها، بأشكال متعددة وفق شرائع وقوانين وطوائف مختلفة الأديان، وهو يُعد أيضا ثقافة اجتماعية وتقاليد أكثر مما هو تدين أو التزام شرعي أو ديني.
وكذلك غطاء رأس المرأة يعتبر لباساً يهودياً قديماً من التراث والطقوس، والله ينظر إلى القلب وليس الشكل، ولكن بعض الروايات أثبتت طبياً ونفسياً، أن حشمة المرأة أفضل لها.
ونعود ونكرر أن بعض الكنائس المسيحية تمنع المرأة السافرة من دخول الكنيسة حتى تغطي رأسها كي تمارس طقوسها الدينية، وأغلب الأديان السماوية وردت فيها نصوص وتوصية غطاء رأس المرأة وعدم تبرجها وسفورها، وصور السيدة مريم العذراء خير دليل وبرهان على ذلك!
حيث أوصت بعض المذاهب المسيحية أن النساء يغطين رؤوسهن، وكذلك ارتداء الأكمام الطويل بالنسبة لجسم المرأة، في روسيا وأوكرانيا والهند وباكستان وكوريا الجنوبية، وذكر علماء الآثار إن النساء عند الأغريق قديماً كن يغطين رؤوسهن وكامل أجسادهن، وكان النساء العربيات في الجاهلية، ومن ثم في عصر الإسلام يلبسن النقاب.
وهذا موثق وذكر في كثير من الآراء والدراسات والبحوث، حتى أنه ذكر غطاء رأس المرأة يعتبر فرضاً بالنسبة للراهبات في الكنائس (الكاثوليكية والأرثودكسية)، وبعض الطوائف المسيحية تفرض غطاء رأس المرأة بكل الأوقات، وكذلك لبس الأكمام الطويل للنساء!
فما هذه الازدواجية التي ظهرت حديثاً لدى الغرب؟!