خبر إصابة الرئيس دونالد ترامب والسيدة الأولى بفيروس كورونا أذهلنا جميعاً صباح الثاني من أكتوبر، ولحسن الحظ، هناك تطور ملحوظ لعلاج هذا الفيروس القاتل يعتمد على نوعية الحالة، فالبعض لا تظهر عليه أي أعراض، والبعض الآخر يمرض مرضاً شديداً. وهناك تداعيات أخرى لهذا الخبر، منها مخاوف المستثمرين، تراجع العقود الآجلة للأسهم الأميركية ومعظم الأسواق العالمية، وكذلك تراجع أسعار النفط، لكن أكبر المخاوف على الانتخابات لأنها مصيرية، وتأتي في ظل استقطاب حزبي وأيديولوجي حاد، لم يشهده التاريخ الأميركي منذ عقود.
فحتى نبأ إصابة الرئيس بفيروس كورونا، لم يسلم من هذا الاستقطاب، فهناك من عبّر عن مواساته وتعاطفه، وآخرين لم يكتفوا بالنقد بل تمنوا له الموت، فمثلاً كتبت موظفة كبيرة سابقة في الحملة الانتخابية لهيلاري كلينتون والرئيس السابق باراك أوباما، «زارا رحيم»، تغريدة تتمنى فيها الموت للرئيس ترامب: «لقد كان ضد هويتي الأخلاقية أن أغرد بهذا على مدار السنوات الأربع الماضية، لكنني آمل أن يموت»، وكذلك حساب «واشنطن بوست» غرد بنفس الأمنية. 
وقد عبر الكثير عن غضبهم لهذه الكراهية، ومنهم الناشطة الأميركية المحافظة، «كايتلين بينيت»، في تغريدة لها: «شكراً لليبراليين... إذا كنتم تريدون أن يموت ترامب، فقد كشفتم أنكم تريدون منا ارتداء الأقنعة لمجرد السيطرة علينا». 
ومع أن المرشح «الديمقراطي»، جو بايدن، تمنى في تغريدة على تويتر الشفاء العاجل للرئيس الأميركي دونالد ترامب وزوجته ميلانيا من كوفيد- 19، إلا أن الكثير من السياسيين مثل هيلاري كلينتون وبيل كلينتون وباراك أوباما وجورج دبليو بوش لم يعلقوا بشيء، مما أدى إلى استياء بعض مناصري الرئيس ترامب مثل المرشحة «الجمهورية» لمجلس النواب، ديانا لورين، التي عبرت بذلك في تغريدة لها. 
هذا الاستقطاب لم يكن فقط في الداخل الأميركي، بل أيضاً شمل المنطقة، فبسبب غياب الاتفاق بين الحزبين على شؤون الشرق الأوسط، فالكل متخوف من هذه الانتخابات ونتائجها، فمثلاً مناصرو الإسلام السياسي مؤيدون لبايدن، لأن في اعتقادهم فوزه قد يعيد إحياء السياسة الخارجية لأوباما الداعمة لهم، أما من هم ضد هذا الاتجاه فهم مع الرئيس ترامب. لذلك وجدنا أيضاً ردات فعل مختلفة على خبر إصابة ترامب بالفيروس، فقد وصل الحد مثلاً بـ«الإخوان» وأتباع النظام الإيراني بالشماتة والدعاء عليه، أما الآخرون تمنوا له الشفاء العاجل، فخطر هذا الاستقطاب بين الحزبين يكمن في الاختلاف الجذري بشأن الأمن الوطني للمنطقة مثل كيفية التعامل مع أنظمة وجماعات الإسلام السياسي، وهذا يجعل البعض في حالة تأهب. 
إنه لمحزن أن نرى الوضع الأميركي وقد وصل إلى هذا الاستقطاب والتفكك الداخلي، مما له تداعياته ومخاوفه على السياسة الداخلية والخارجية، لذلك على دول المنطقة أن تكون مستعدة لفوز أي من المرشحين، وتتعلم كيفية حل مشاكلها بنفسها واللجوء إلى سياسة المحاور والتحالفات المختلفة.

*باحثة سعودية في الإعلام السياسي