اهتمت دولة الإمارات العربية المتحدة، منذ تأسيسها، بتنمية المرأة وتطوير مشاركتها وتعزيزها في مختلف المجالات، وأبرزها مجال التعليم، فمنذ عهد المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، كان تعليم المرأة الإماراتية أحد العناصر الرئيسية في مسيرة النهضة الحضارية، حيث آمن القائد المؤسس بدورها ورسالتها في المجتمع بصفتها شريكاً أساسياً في عملية التنمية الوطنية. وكان لسمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة «أم الإمارات»، دور فاعل في هذا الاهتمام، حيث قالت سموها: «إن التعليم وحده هو الذي يجعل الفتاة عضواً عاملًا في المجتمع، وزوجة فاضلة تعرف أصول دينها وتعاليمه وتوجيهاته لها في رعاية أسرتها وصيانة نفسها والحفاظ على تقاليدها، والتعليم هو الذي يرفع كفاءة الأم في العناية بأطفالها وصحتهم، والعمل من خلال ذلك كله على خفض نسبة وفيات الأطفال في بلدنا. وإن التعليم هو النافذة التي تطلُّ منها المرأة على حضارة الأمم، وهو وسيلتنا لمواكبة مسيرة التطور والتقدم، واستمرار النهوض بمجتمعنا».
وفي إطار هذا الاهتمام حرصت سموها، في كل عام، على رعاية حفل تخريج الطالبات المتفوقات الحاصلات على تقدير امتياز مع مرتبة الشرف من جامعة الإمارات العربية المتحدة، وجامعة زايد، وكليات التقنية العليا، وذلك بحضورها الكريم شخصيًّا، ومشاركتها الطالبات فرحة الاحتفال بهذا المنجَز العلمي، وهي سُنَّة حسنة استمرت من دون انقطاع، حتى في الظروف الاستثنائية التي نشهدها إثر أزمة جائحة «كوفيد-19»، إذ بادرت سموها إلى رعاية الدفعة الأخيرة من الخريجات وتقديرهنَّ، وعبَّرت عن مشاعرها السامية للطالبات، وذلك في رسالة تهنئة خاصة بعثت بها إلى كل طالبة متفوقة، تضمَّنت كلمات تقول فيها: «ابنتي: يسرني أن أبارك لكِ تخرُّجك وحصولك على درجة امتياز مع مرتبة الشرف، هذه المرتبة التي حصلتِ عليها بجدكِ ومثابرتكِ في السعي إلى التميُّز في مسيرة العلم، الذي ستكملينه، بإذن الله تعالى، في مسيرة العمل، وليكن هذا التميز حافزاً لخدمة وطنكِ، ونبراساً لمنهج حياتك حاضراً ومستقبلاً. وفقكِ الله، وسدَّد خطاك».
هذه الكلمات وهذا الاهتمام، من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، هما تكريمٌ حظيت به كل خريجة متفوقة، وهما بمنزلة دافع لها للاستمرار في طريق التميز، وحافزٌ على تسخير ما نهلَته من معارف وعلوم في خدمة الوطن والإسهام في مسيرة نهضته، والعمل بكل جدّ ومثابرة لتكون لها بصمة في تحقيق رؤية القيادة الرشيدة، ليكون واحداً من أفضل دول العالم. 
إن النجاح، الذي تحققه المرأة الإماراتية عاماً بعد آخر في مجال التفوق العملي، لم يكن ليتحقق لولا دعم القيادة الرشيدة للدور الكبير الذي تؤديه مؤسسات التعليم الجامعي في بناء الكفاءات الوطنية، ورفدها بأحدث ما توصلت إليه البشرية من معارف في مجالات العلوم المختلفة، ومواكبة آخر المستجدات العلمية والتقنية المتسارعة، وهو ما يسهم في الارتقاء بآفاق طلبة العلم، وصقل مهاراتهم، وتحفيزهم على الابتكار والسعي نحو الاستثمار في المعرفة.
وفي هذا السياق لا ننسى أن نُشيد بدور وجهود المؤسسات التعليمية الوطنية، التي خرَّجت هذه الكوادر الإماراتية النسوية بتأهيل عالٍ يتناغم مع طموح المرأة وإرادتها للعمل والإنجاز، والتي أثمرت هذه النتائج المتميزة بدخولها الحياة العملية في القطاعين العام والخاص، وتقلُّدها مختلف الوظائف والمناصب بكفاءة واقتدار.
ولا شكّ أن هذا النجاح والتفوق جاءا نتيجةً طبيعيةً للجهود الدؤوبة التي بذلتها الطالبات، التي تعكس محبَّتهن وإخلاصهن لوطنهن، وتقديرهن لما تحظى به ابنة الإمارات من دعم ورعاية، وحرصهن على رد الجميل للوطن، وهو ما أكدته سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك من أن المجتمع يبني آماله على هذا النموذج الذي يثابر ويكتسب ويبدع ويتقدم، وأن هؤلاء الخريجات سيمثلن قوة بشرية تسهم في بناء الوطن، وستكون أدوارهنَّ في مجالات العمل المختلفة تعبيراً ميدانيّاً عن كل معاني الكفاءة والعطاء والتميز.
إن رعاية أم الإمارات تجسّد أبلغ صور عناية الأم ببناتها، وتعَدُّ امتداداً لدور سموها في مجال تمكين المرأة وتعزيز قدرتها التنافسية، ما يؤهلها للمشاركة في الثورة الصناعية الرابعة والثورة الرقمية، ويعزز مشاركتها في مسيرة التنمية المستدامة التي تتطلَّع إليها قيادتنا الرشيدة.
 عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية