تنتظر إيران الانتخابات الرئاسية الأميركية في 3 نوفمبر القادم بفارغ الصبر، وما سيترتب عن ذلك حال فوز الرئيس ترامب بولاية ثانية، أم فوز المرشح «الديمقراطي» جو بايدن، لتقرر خطواتها المقبلة، فيما يمارس ترامب المزيد من الضغوطات على طهران، حيث فرضت واشنطن عقوبات جديدة على 27 كياناً وفرداً إيرانياً في قطاعات الأسلحة النووية والصاروخية والتقليدية. وتتضمن العقوبات أمراً تنفيذياً وقّعه ترامب، يستهدف الكيانات التي تشتري أو تبيع أسلحة تقليدية لإيران. ومن تلك الكيانات وزارة الدفاع وهيئة الصناعات الدفاعية الإيرانية، وذلك عبر استخدام آلية إعادة فرض العقوبات «سناب باك». ورفضت الأطراف الأوروبية الثلاثة في الاتفاق (بريطانيا وفرنسا وألمانيا) طلب الولايات المتحدة إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران، لأن واشنطن انسحبت من الاتفاق النووي بمبادرة منها، لكن الدول الأوروبية الثلاث لا تقبل تصعيد إيران لأنشطتها النووية إلى ما بعد الحدود المتفق عليها في الاتفاق، رداً على الانسحاب الأميركي.
وتصاعدت الضغوط الأميركية على إيران، عقب انسحاب الأولى من الاتفاق النووي وفرضها حُزَماً من العقوبات الاقتصادية المتتالية على طهران طالت العديد من القطاعات، أبرزها قطاع النفط والخدمات المالية والمصرفية والطيران المدني، إضافة إلى تجميد الأصول الإيرانية، وتقييد قدرة الشركات الأجنبية على إبرام صفقات تجارية مع طهران. كما شملت العقوبات شخصيات إيرانية بارزة وكيانات إيرانية مهمة مثل الحرس الثوري. ويراهن الرئيس الأميركي على سياسة «أقصى الضغوطات» ضد إيران عن طريق فرض العقوبات للحصول على التنازلات والتوصل إلى صفقة، أو محادثات ثنائية، حال فوزه بولاية ثانية، وهو ما كان قد وعَد به ناخبيه قبل أربع سنوات، إلى جانب إلغاء الاتفاقية التي أبرمها مع إيران سلفُه باراك أوباما، ثم التفاوض مجدداً على صفقة أفضل. 
أما بايدن، فيعِد بعودة واشنطن إلى الاتفاق، بالتنسيق مع الأوروبيين، في حال التزمت به إيران، قائلاً: إن حكومته (حال فوزه) ستلتحق بالاتفاق النووي إذا التزمت طهران بشروط الاتفاق نفسه.
المفاوضات مع إيران آتية لا محالة، سواء فاز ترامب أم فاز بايدن، إنما الشروط والإطار المنظم للاتفاق، كل ذلك سيختلف بين الرجلين، إذ أكدت التحليلات أن الإدارة الأميركية القادمة في واشنطن إن أرادت تحقيق أهداف سياساتها الخارجية تجاه إيران، فعليها انتهاج سياسة جديدة أكثر واقعية، وأنه في أي مفاوضات مستقبلية جديدة مع إيران يجب أن تؤخذ المتغيرات الإقليمية بعين الاعتبار عند مناقشة البنود الدفاعية والأمنية داخل الاتفاق السابق. ومن الواضح الآن أن الاستراتيجية التي تبنّاها ترامب تجاه إيران لم تنجح في إحراز تقدم ملحوظ لمنع الأخيرة من صنع سلاح نووي، أو ردع سلوكها المزعزع للاستقرار، لذا ستشمل الملفات التي ستُطرح على طاولة أي مفاوضات مقبلة، مع ترامب أو بايدن، ملف الصواريخ الباليستية الإيرانية، وملف التدخلات الإيرانية في العراق وسوريا واليمن ولبنان. 
وتعيش إيران على وقع أزمة اقتصادية ممتدة فاقمتها تداعيات وباء كورونا، إلى جانب انهيار قيمة صرف العملة الإيرانية إلى أدنى مستوياتها هذا الشهر.. لكن إيران تعلم أن المفاوضات معها آتية لا محالة، فاز ترامب بولاية ثانية أم عاد «الديمقراطيون» إلى البيت الأبيض، إنما قد تتباين شروط الاتفاق ويختلف نطاقه. وينتظر الإيرانيون الانتخابات الرئاسية الأميركية، ويتطلعون لفوز «الديمقراطي» جو بايدن بالرئاسة، لكن إيران التي جرّبت سياسة النفَس الطويل، ستضطر لإعادة قراءة المشهد الإقليمي، ولإعادة ترتيب أوراقها تنازلاً وإذعاناً للضغوطات، أياً كان الرئيس الأميركي المقبل.