حققت دولة الإمارات العربية المتحدة، بتوجيهات من القيادة الرشيدة، تجربة استثنائية في مجالات التميز الحكومي منذ تسعينيات القرن الماضي، حيث كان الهدف أن تتحول الدولة إلى مرجعية موثوق بها وناجحة في التطوير الحكومي على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية، وتبني نماذج عمل حكومية دائمة التطور والتحديث، وتقودها كوادر مواطِنة، تملك فكراً مستقبليّاً ورؤى استباقية، توظف الابتكار، وتبني القدرات التي تحقق نقلة نوعية في أداء الجهات الحكومية بشكل يواكب التطورات، ويعزز الكفاءة والفاعلية، ويضمن حصول المتعاملين على أفضل الخدمات التي تحقق تطلُّعاتهم في تعاملاتهم كافة.
واستعداداً للخمسين عاماً المقبلة، أطلقت الحكومة مرحلة جديدة في مسيرة التميز الحكومي، تتضمن تحديث وتطوير منظومة عمل متكاملة، تركز على النتائج والقيمة المميزة، وتتبنى منهجية عمل استباقية ومرنة، وفق رؤية استشرافية ترسّخ جاهزية الجهات الحكومية، وتمكنها من تعزيز قدراتها على استشراف المتغيرات، باستخدام التكنولوجيا المتقدمة، ووفق نماذج عمل جديدة ومبتكرة، إذ تركّز المرحلة الجديدة على مجموعة محاور هي: تطوير منظومة التميز الحكومي، ونموذج قيادات التميز، ونموذج الموظف القدوة والمواهب المحترفة، والتمكين الذاتي، وتعزيز الشراكات والتكامل، وترسيخ روح الفريق الواحد.
إن منظومة التميز الحكومي الجديدة التي تتبنى نموذجاً مبتكراً يُعَدُّ الأول من نوعه عالميًّا في التقييم عن بُعد بنسبة 100%، جاءت للعمل على تغيير مفهوم الأداء التقليدي، وأن تستبدل به آلية قياس حديثة، تعمل في المحصلة على دعم تميز الأداء الحكومي وجودة الحياة، وذلك من خلال التركيز على القيمة المميزة التي تقدمها الجهات الحكومية إلى المجتمع، فعلى سبيل المثال شهدت جائزة محمد بن راشد للأداء الحكومي المتميز تحديثات شملت إضافة فئات جديدة، كأفضل جهة في الاستباقية والجاهزية للمستقبل، وأفضل جهة في المرونة المؤسسية، وأفضل جهة في الشراكة والتكامل، وأفضل جهة في الاتصال الحكومي، وأفضل جهة في تطبيقات العمل عن بُعد، وأفضل جهة في إدارة البيانات والمعرفة، وغير ذلك من الفئات الجديدة أو المحدَّثة للجائزة، فضلًا عن إضافة ثلاث فئات جديدة لأوسمة رئيس مجلس الوزراء، شملت أفضل مدير مدرسة، والاتصال الحكومي، ووظائف المستقبل.
لقد جاء إطلاق المرحلة الجديدة في مسيرة التميز الحكومي، ليؤكد مساعي دولة الإمارات الحثيثة إلى تطوير العمل الحكومي، وتعزيز تنافسيتها في هذا المجال بشكل يضفي مزيداً من التميز في تقديم الخدمات، ويمثل إضافة نوعية إلى هذه المسيرة التي يقودها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، التي حققت نجاحات غير مسبوقة لأكثر من ربع قرن، في مجالات العمل الحكومي، الأمر الذي حوّل دولة الإمارات إلى نموذج ألهمت به حكومات العالم الساعية إلى تطوير تجاربها الحكومية بشكل متميز، وينعكس إيجابيًّا على الأفراد والمجتمعات. كما جاء اهتمام الدولة بتطوير منظومتها في العمل الحكومي، نظراً إلى مستهدفاتها القائمة على مواصلة التقدم والإنجاز والتأثير والتعلم والتطور والابتكار والمواطنة الإيجابية والروح القيادية في مجالات العمل المؤسسي كافة، وتقديم مستويات أداء متميزة، تحقق التناغم بين الجهود الفردية والمؤسسية، وتعزز قيم القيادة والريادة، وتسعى إلى إسعاد المتعاملين، وترسيخ جودة الحياة في بيئة العمل بشكل مستدام، استناداً إلى مفاهيم التكيف والإيجابية والمرونة والابتكار.
إن منظومة التميز الحكومي في دولة الإمارات تقوم على فلسفة التميز المؤسسي والعقلية القيادية التي تؤمن بأهمية جودة العمل والتميز في تحقيق الريادة، وتمكين الحكومات المؤثرة والإيجابية في صناعة المستقبل، الذي يتحقق برفع معايير أداء العاملين، وتحسين العمليات المقدمة بقيمة نوعية تسهم في بناء ثقة المواطنين والمقيمين بقدرات الحكومة وأفكارها ونتائج أعمالها، لتشكيل مستقبل مستدام لكل الأنشطة التي تمس واقعهم، يمكّن الدولة من المحافظة على تنافسيتها في مختلف القطاعات، ويعزز جاذبيتها، لتكون الوجهة الأفضل للعيش والعمل والاستثمار والسياحة والزيارة.
عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدرسات والبحوث الاستراتيجية