تعقد قمة العشرين مؤتمرها السنوي وسط تفشي وباء فيروس كورونا المستجد «كوفيد-19». العشرون هم كبار العالم، وصانعو قراراته وراسمو مستقبله. أما كورونا، فإنه مجرد فيروس لا يُرى بالعين المجردة ولا حياة فيه. وتصطدم قرارات العشرين الكبار الذين يرسمون مستقبل العالم، اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، بنتائج انتشار هذا الفيروس. هم يريدون أمراً والفيروس يفرض أمراً آخر. هم يسعون للانفتاح والتوسع، وهو يفرض الانغلاق والانكماش. هؤلاء الذين يملؤون الدنيا ويشغلون الناس، يقفون مكتوفي الأيدي أمام إرادة فيروس أثبت عملياً، وحتى إشعار آخر، أن له اليد الطولى في فرض التباعد الاجتماعي والتراجع الاقتصادي والتوتر السياسي، وحتى العسكري.
وما كان العالم قرية صغيرة، كما هو اليوم، بفضل هذا الفيروس، ولكن على غير الصورة التي يريدها الكبار العشرون أن يكون عليها. 
لم يفرّق الفيروس بين ساكن البيت الأبيض في واشنطن، واللاجئ الأميركي الجنوبي الذي يقف عاجزاً أمام الجدار الفاصل بين الولايات المتحدة والمكسيك، أو ذلك المهجر في مخيم للاجئين في شمال سوريا أو شرق أفغانستان.
لقد تمكن هذا اللامرئي أن يمنع لقاء قادة العشرين الكبار وجهاً لوجه. ويكفي أن يُذكر اسمه الفيروسي، حتى يستنكف الجميع طلباً للسلامة.
ومن أجل ذلك، فإن عالم ما بعد كورونا هو غير عالم ما قبله، والعشرون الكبار يدركون هذه الحقيقة الجديدة، ربما أكثر من جميع الآخرين. فهم يواجهون تداعياتها في اقتصادياتهم المتراجعة، وفي تعاونهم المتقلص، وفي مخططاتهم المستقبلية التي تمني النفس لو أن الأوضاع تعود إلى ما كانت عليه قبل أن يحلّ هذا الضيف الثقيل.
وحتى السيادة الوطنية التي يجسدها قرار كل واحد من العشرين الكبار، لم تعد بمنأى عن مضاعفات الفيروس الذي فرض معادلات جديدة على الجميع.
ومع ذلك، فمن الظلم اتهام الفيروس بكل السلبيات والموبقات. لقد أضاء على إيجابية هامة، وأكدها عملياً، وهي أن الناس جميعاً أسرة واحدة، وقد تعامل معهم على هذا الأساس؛ فلم يفرّق بين أسود وأبيض، ولا بين أبناء هذا الدين أو ذاك.. بل فرض نفسه على الجميع، وساوى بين الجميع.
ولو أن العشرين الكبار يعودون إلى «وثيقة أبوظبي» حول الأخوة الإنسانية.. لو أنهم يهتدون بها ويعملون بموجب مبادئها وأخلاقياتها.. لو أنهم يتبنّونها أساساً لاستراتيجيتهم «المشتركة».. لكانت الإنسانية اليوم، ومن خلال العمل العلمي المشترك لإيجاد عقار شافٍ ولقاح مانع، أقدر على قهر هذا الفيروس وليّ ذراعه. لكن حتى في ظل أزمة تخيّم على الإنسانية كلها، فإن العمل المشترك على المستوى الإنساني لا يزال «حلم ليلة صيف».