عرفتُ الراحل الأستاذ الكبير إبراهيم العابد، منذ أكثر من عشرين عاماً مضت، كان معلماً نبيلاً وأستاذاً كبيراً وأخاً وفياً.. لكل الإعلاميين والصحفيين في دولة الإمارات العربية المتحدة، وكان مخلصاً وفياً للجميع بامتياز نادر. ولا يهدأ للعابد بال ولا تغمض له عين، طالما أن كان هناك صحفي تنقصه معلومة أو يريد مساعدة، أو يحتاج إلى شيء مهم سواء أكان في الجانب المهني أو في الجانب الإنساني. كان رجلا بحجم مؤسسة إعلامية ضخمة وماكينة صحفية لا تتوقف عن العمل. لقد كان «البلدوزر» الذي لا يكل ولا يمل من العمل في خدمة بلده والعاملين في حقل الإعلام والصحافة أبداً. كان أباً وفياً وصديقاً صدوقاً وسنداً قوياً لجميع الإعلاميين والصحفيين، عرباً كانوا أم أجانب، فهو مرجعهم المهم وأرشيفهم الضخم. 
كان العابد رحمه الله مدرسةً واسعة الاطلاع، وكان مُوجهاً يرشدنا ويعلّمنا كيف نكتب وكيف نتحدث وكيف نعمل وكيف نعطي للمهنة الإعلامية ونتميز فيها. لقد تعلمت منه الكثير في مجال الصحافة وقواعد عملها المهنية والحرفية والأخلاقية، كما تعلمت من أدبه الجم وخلقه الراقي. كان رجلا نادراً بحق، وحياة يصعب أن تتكرر، لما ميز تجربته المهنية من ثراء وعمق ومعرفة لصيقة بخفايا الإعلام وأروقة الصحافة، ولما كان يملكه من خبرة كبيرة ومعرفة واسعة ودراية تامة وتخصص بارع وحس مهني مرموق. 
كنا حين نتخاصم مع بعضنا البعض نرجع إلى إبراهيم العابد، وعندما نختلف على معلومة صحفية نحتكم إليه أيضاً، بل أصبح لنا أباً وأخاً ومرجعاً. وحتى في قضايانا العائلية والشخصية، كنا نستشيره، وكان يلهمنا برأيه السديد. كان يضفي على علاقتنا به روح الأبوة الحانية الصادقة المخلصة، وذلك لغزارة عطائه وشدة حرصه علينا من الانحراف أو الانزلاق في الدروب الخاطئة في حقول الإعلام الملغومة وبين أسلاكه الشائكة.. كان يمهد لنا الطريق ويعبّده ويمد لنا الجسور والسلالم الموصلة إلى النجاح.
وبالنسبة لي شخصياً كان إبراهيم العابد أباً حنوناً وأخاً وفياً نقياً وصديقاً نبيلاً مخلصاً، لم أتردد في التوجه إليه أبداً وطلب مساعدته، حتى في أوقات استراحته، وهو الذي لا يستريح، وقد نذر نفسه للعمل المتواصل الدؤوب من دون كلل ولا ملل حتى آخر رمق من حياته، على الرغم من تقدمه في العمر، إلا أنه كان يعمل ليل نهار، وحتى في العطل الرسمية كان يهاتفني مبكراً في الصباح وأحياناً أسبقه بالاتصال، ويقول لي: يا علي، فقط أنا وأنت نستيقظ مبكراً ونداوم أيام العطل، يا.. نحن (هرمنا)، ونتهرب من المسؤولية العائلية، أو نحن خارج نطاق التغطية في هذا الزمن. كنا نتبادل الآراء ونتبادل «النكت»، نضحك على أنفسنا وعلى طريقة تفكيرنا التي لا تعجب الآخرين الذين يسهرون ليلاً وينامون نهاراً.
إبراهيم العابد مخزون استراتيجي إعلامي وصحفي نادر الوجود في هذا الزمن.
لقد خسرته الإمارات، وخسرناه جميعاً معشر الإعلاميين.
إلى جنة الخلد يا أبا باسم.. وداعاً.. وداعاً.. والدنا الوفي وأخانا النبيل وصديقنا العزيز.. وإنا على فراقك لمحزونون.

*كاتب سعودي