انطلاقاً من الاعتبارات الإنسانية القائمة على تأصيل قيم التضامن العالمي، أولت دولة الإمارات العربية المتحدة قضية استئصال شلل الأطفال حول العالم أهمية كبيرة، وأسهمت بتقديم حملات التطعيم على مدى الأعوام السابقة، حيث أخذت على عاتقها منذ عام 2014 تمويل هذه الحملات ودعمها، وخاصة في جمهورية باكستان الإسلامية، عبر إتاحة الكثير من مواردها وخبراتها ميدانياً لتحقيق هذا الهدف، فأطلقت «حملة الإمارات للتطعيم»، تحت شعار «الصحة للجميع.. مستقبل أفضل»، التي قدّمت منذ إطلاقها، 483 مليون جرعة تطعيم ووصلت إلى 86 مليون طفل.
وفي هذا السياق، تأتي تغريدة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، في اليوم العالمي لشلل الأطفال، الذي يصادف الـ 24 من أكتوبر من كل عام، تأكيداً على دور دولة الإمارات الإنساني وموقفها الثابت تجاه خدمة البشرية في الظروف الصعبة التي تواجهها، فكتب سموه: «في اليوم العالمي لشلل الأطفال نحيي الأبطال العاملين في الخطوط الأمامية الذين يواصلون مهامهم برغم التحديات التي تفرضها جائحة كورونا.. بتضافر الجهود ودعم المبادرات العالمية سنتمكن من القضاء على شلل الأطفال.. الإمارات شريك أساسي في حماية أطفال العالم من هذا المرض».
إن هذه الكلمات التي كتبها سموه، تبث روح العزيمة والإصرار لدى جنود الإنسانية الأبطال العاملين في الخطوط الأمامية وتستنهض كل مشاعر الخير والعطاء لديهم، كما تعكس ثقافة الاهتمام بالإنسان وتؤكد المسؤولية المشتركة في الوقوف مع الأشقاء ومساندتهم في كل وقت وتحت أي ظرف؛ فقد شكّلت أحداث العام الجاري تحديات غير مسبوقة بالنسبة إلى جهود استئصال شلل الأطفال على المستوى العالمي، وخاصة بعد أن أوقف فيروس «كوفيد – 19» حملات التطعيم في جميع أنحاء العالم، في الوقت الذي واصلت قيادات بارزة في المجتمع الدولي، تحذيرها من تسبب انقطاع تطعيم شلل الأطفال، في أزمة جديدة نتيجة تفشي فيروس «كورونا».
وخلال هذه الفترة الحاسمة، كثفت دولة الإمارات جهودها وأخذت زمام المبادرة في إطلاق حملات التطعيم ضد شلل الأطفال، فاستأنفت في يوليو الماضي، أول حملة تطعيم لشلل الأطفال، بهدف محاصرة مناطق انتشار هذا المرض، مرض شلل الأطفال، الذي بلغ عدد حالات الإصابات به هذا العام في باكستان 60 حالة، الأمر الذي جعلها تعتمد خطة ميدانية لاستهداف أكثر من 766 ألف طفل في المناطق ذات الخطورة الأمنية العالية، التي يعد أطفالها الأكثر تهديداً وعرضة للإصابة بهذا المرض، وسط إجراءات وتدابير حديثة وبمعايير وقائية عالية. 
وتزامناً مع ذكرى اليوم العالمي لشلل الأطفال، أعلنت إدارة المشروع الإماراتي لمساعدة باكستان نجاح حملة الإمارات للتطعيم ضد شلل الأطفال بباكستان، حيث تم الوصول إلى أكثر من 16 مليون طفل وتقديم 28 مليون جرعة تطعيم لهم، وذلك في الفترة ما بين يوليو وسبتمبر 2020. كما شاركت الدولة العالم احتفالاته باليوم العالمي لمكافحة شلل الأطفال، فنظمت العديد من فعاليات التوعية والتثقيف الخاصة بطرق الوقاية من هذا المرض وطرق التخلص منه، مؤكدة أهمية الحصول على اللقاحات لتفادي الإصابة به مستقبلاً.
لقد أسهمت حملة الإمارات للتطعيم ضد شلل الأطفال في تقليل أعداد الإصابات بهذا المرض، ومكّنت الدول والحكومات من التطوير والارتقاء ببرامجها الصحية لوقاية المجتمعات من الأمراض والأوبئة، ودرء المخاطر عن كاهل المجتمعات الفقيرة، وهو ما يؤكد أهمية تكاتف الجهود العالمية وضرورة التعاون المشترك بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الخيرية في تسخير كل الإمكانات لإنقاذ الأرواح وتوفير مستقبل أفضل لأطفال العالم، الأمر الذي جعل من الجهود التي تبذلها دولة الإمارات بخصوص مكافحة شلل الأطفال، تمثّل ترجمة حقيقية لتوجيهات القيادة الرشيدة بأهمية تعزيز الجهود العالمية الرامية للحد من انتشار الأوبئة والوقاية من التداعيات الصحية السلبية التي يعانيها الأطفال، في دليل على التزام الدولة الراسخ بالنهج والمبادئ الإنسانية لمساعدة الشعوب المحتاجة.
 *عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.