يشهد العالم اليوم العديد من المشكلات والأزمات، التي تُحتّم ضرورة تكثيف التعاون والتكاتف بين الدول المختلفة، ومنها الإرهاب والفقر والجريمة المنظّمة والتغير المناخي، فضلاً عن أزمة «كوفيد-19»، التي اجتاحت العالم خلال الفترة الأخيرة. وتقوم المنظمات الدولية بدور كبير وفاعل في مواجهة هذه التحدّيات عن طريق إيجاد الحلول المناسبة وإطلاق الاتفاقيات والمبادرات الدولية للتصدّي الجماعي لها.
وعلى رأس هذه المنظمات، منظمة الأمم المتحدة، التي يحتفل العالم خلال هذه الأيام بمرور 75 عاماً على تأسيسها؛ حيث اضطلعت بدور كبير في تأسيس تعاون دولي متكامل وبناء شراكات دولية، من خلال نجاحها في عقد مجموعة من الاتفاقيات التي أسهمت بشكل كبير في تحقيق الكثير من التأثيرات الإيجابية على المستوى الدولي. ولا شك في أن تفعيل التعاون الدولي بشكل أكبر، ونقله إلى مستويات أكثر تقدُّماً، يرتبطان بضرورة تفعيل دور المنظمات الدولية، وهنا تجدر الإشارة على سبيل التحديد إلى منظمات عدة، منها منظمة الصحة العالمية، التي تقود المعركة الضروس التي يخوضها العالم ضد جائحة «كوفيد-19». 
وقد تبنّت دولة الإمارات العربية المتحدة منذ تأسيسها عام 1971، سياسة ناجحة في مجال التعاون الدولي، وسعت على الدوام إلى نسج علاقات مميزة مع دول العالم كافة، وأولت هذا التوجُّه اهتماماً بالغاً، ومن ثَم لم يكن غريباً أن تُسارع إلى مدّ يد العون والمساعدة للدول المحتاجة، حين غزت جائحة «كوفيد-19» العالم في بداية العام الجاري؛ حيث أرسلت مئات الأطنان من المساعدات الطبية إلى العديد من دول العالم المتضررة من دون النظر إلى عِرق أو لون أو دين.
وتؤكد المواقف المتتالية لقيادتنا الرشيدة إيمانها المطلَق بالضرورة الحاسمة لتفعيل التعاون الدولي لمواجهة حزمة التحديات، التي تواجهها دول العالم كافةً خلال المرحلة الحالية، والأهمية الخاصة لتفعيل دور الأمم المتحدة التي تُمثّل العمود الفقري للنظام الدولي الحالي، وتقوم بدور كبير في مجال العلاقات الدولية والدفع بها في سبيل المزيد من التعاون. وفي هذا الصدد، أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أن الأمم المتحدة قدمت خدمات جليلة للبشرية في مجالات التنمية والخدمات الإنسانية، وتعزيز التعاون بين الحكومات، وأن دولة الإمارات ملتزمة بدعم جهودها وبرامجها ومبادراتها الهادفة إلى رسم ملامح التنمية المستقبلية. وبمناسبة تنظيم مؤسسة القمة العالمية للحكومات، بالشراكة مع منظمة الأمم المتحدة، أمس الإثنين، حواراً عالميًّا افتراضيًّا رفيع المستوى، بعنوان «75 دقيقة من أجل التعاون الدولي»، ضمن فعاليات إحياء الذكرى الـ75 لإنشاء الأمم المتحدة، بمشاركة معالي أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة ووزراء في حكومة الإمارات ومسؤولين دوليين، قال سموه في تغريدة على موقع «تويتر»: «دولة الإمارات حريصة على تعزيز الشراكات الدولية، والأطر المؤسسية العالمية الهادفة لترسيخ التعاون ومبادئ الحوار والشراكة المرتكزة على النهوض بالإنسان، وهي داعم رئيسي لمبادرات ومشاريع الأمم المتحدة، لإيمانها بما تشكله هذه المنظمة منذ تأسيسها قبل 75 عاماً، من مظلة جامعة ومساحة مفتوحة للتواصل البنّاء والحوار الإيجابي، الهادف لتلبية تطلعات البشرية لمستقبل أفضل».
وفي الواقع، فإن رؤية دولة الإمارات، وتوجُّهها الراسخ إلى تعزيز التعاون الدولي، إنما يعكسان إيمانها بوحدة المصير المشترك لكل دول العالم، وبأن الكثير من التحديات التي تُواجهها البشرية لا يمكن التغلُّب عليها بشكل فردي، وهذا ما أكدته جائحة «كوفيد- 19». إن التعاون الدولي بات ضرورة مُلحّة في الوقت الراهن، أكثر من أي وقت مضى، وتدرك قيادتنا الرشيدة هذه الحقيقة، وتعمل بشكل دؤوب على ترجمة هذا التعاون في شكل خطط وبرامج يتمّ من خلالها التغلب على هذه التحديات.

*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.