غداً الثلاثاء موعد انتخابات الرئاسة الأميركية، والتي يتنافس فيها مرشح الحزب «الجمهوري»، الرئيس الحالي، دونالد ترامب وجو بايدن مرشح الحزب «الديمقراطي»، نائب الرئيس السابق باراك أوباما، وذلك في ظل أجواء انتخابية وُصفت بالأشد سخونة وتوتراً بين فئات الشعب الأميركي. وقد تناولنا سابقاً الوضع الداخلي الأميركي منذ تولى «دونالد ترامب» مقاليد السلطة عام 2016، والذي لا يشير في كثير من الأحوال لأي مؤشرات إيجابية يستطيع الرئيس القادم الاستناد إليها، سواء فاز الرئيس الحالي «ترامب» أو منافسه «الديمقراطي» جو بايدن. وبالنسبة للوضع في العلاقات الخارجية الأميركية، فهو لا يختلف كثيراً عن مثيله في الداخل؛ إذ تراكمت توابع قضايا ذات ثقل استراتيجي كبير، نتيجة السياسة الخارجية الأميركية في الأعوام الأربعة الأخيرة، ولعل أبرز تلك القضايا التي تتعلق بالصين وإيران وعملية السلام في الشرق الأوسط.
على الجانب الاقتصادي، فإن الحرب التجارية بين أكبر قطبين اقتصاديين في العالم، الولايات المتحدة الأميركية والصين، قد تجاوز تأثيرها العلاقات بين الدولتين ليصل لبقية دول العالم. فواشنطن تتهم بكين بالممارسات التجارية غير العادلة. وفي المقابل، ترى بكين أن واشنطن تسعى بقوة لإيقاف نموها الاقتصادي المتسارع وبروزها كأهم قوة اقتصادية على مستوى العالم. 
وبالنسبة لإيران، فإن «الانتصار السياسي» الذي حققه الحزب «الديمقراطي» عام 2015 وذلك بتوقيع مجموعة الدول الخمس زائد واحد - الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا – الاتفاق النووي مع إيران، شهد انسحاب الحزب «الجمهوري» منه في العام 2018. ومنذ ذلك الحين والعلاقات بين واشنطن من جانب، وطهران وبقية دول الاتفاق من جانب آخر، تشهد توتراً من المتوقع أن تتزايد حدته في حال فاز «ترامب» بفترة رئاسية جديدة، وسيطر «المحافظون» على مقاليد الحكم في طهران خلال الانتخابات الرئاسية العام المقبل. وبخصوص عملية السلام في الشرق الأوسط، فليس من المتوقع أن تشهد تغييرات جذرية، سواء تولى رئيس «جمهوري» أو «ديمقراطي» مقاليد البيت الأبيض، لأن الاستراتيجية الأميركية منذ عقود واضحة، ولن تتغير.
وبالتالي، فإن الأوضاع في القضايا الخارجية مرشحة للاستمرار كما هي عليه، في حال حافظ «ترامب» على رئاسته لفترة ثانية وأخيرة، مع إمكانية تركيزه بصورة أكبر على إصلاح الأوضاع الداخلية وخاصة الاقتصادية والتعليمية والصحية والاجتماعية. أما في حال فوز «بايدن»، فإن العبء سيكون أثقل في الداخل والخارج؛ إذ سيتحتم عليه تنفيذ وعوده بتطبيق سياسة أكثر فعالية لمواجهة تفشي جائحة كوفيد – 19، وإعادة الهدوء إلى الشارع الأميركي الملتهب نتيجة الشرخ بين المواطنين من أصول أفريقية والشرطة. أضف إلى ذلك، ضرورة اتخاذ إجراءات إصلاح اقتصادي سريعة لتقليص معدلات البطالة ورفع مؤشر النمو الاقتصادي، مع إجراء إصلاحات جذرية في التعليم ونظام التأمين الصحي، وإعادة النظر في بناء الجدار الفاصل مع المكسيك، ودعم منظمة الصحة العالمية في جهود مكافحة كوفيد -19 والتهدئة مع الصين، وإعادة التفاوض مع إيران بشأن أنشطتها النووية، ودفع عملية السلام في الشرق الأوسط على أساس حل الدولتين. 
والخلاصة، فإن الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والصحية والتعليمية التي سيتركها «ترامب»، سواء غداً أو في نهاية فترة رئاسية ثانية، سيكون من الصعب جداً أن تتم معالجة آثارها في الداخل والخارج الأميركي من رئيس «ديمقراطي» أو «جمهوري» جديد، الأمر الذي سيؤثر على المواطن الأميركي في الداخل وعلى الدور الأميركي في الخارج.