تمثل القدرة على بث روح الأمل، وتعزيز التوجهات الإيجابية لدى أفراد أي مجتمع أحد مصادر قوته وتماسكه التي تمكّنه من السير بخطى واثقة على طريق الإنجاز والتنمية والازدهار. وتمتلك دولة الإمارات العربية المتحدة هذه القدرة على استخراج طاقات الأمل والعمل والثقة بأن الغد يحمل في طيّاته المزيد من الفرص. وتستند مثل هذه المشاعر الإيجابية في دولة الإمارات إلى مبادرات القيادة الرشيدة التي تستثمر في الأمل، وتهيئ لأبناء الدولة والمقيمين على أرضها بيئة توفر لهم كل العناصر اللازمة لإلهامهم، وتحفزهم إلى توقع الأفضل وتقديم أفضل ما لديهم.
وكلمة «الأمل» هي إحدى المفردات التي تتكرر لدى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، حيث يذكر له العالم العربي مبادرته «صُناع الأمل» واختيار اسم «مسبار الأمل» عنوانًا لمشروع الإمارات لاستكشاف المريخ. وتنضم إلى هذا السجل المشرق مبادرة جديدة هي «جيل الأمل»، التي تنتقل بطموحات طلبة الدولة وشبابها إلى السماء، من خلال فتح نافذة علمية على قطاع الفضاء، وانخراطهم في فعاليات علمية مشوِّقة تضم محاضرات وورش عمل ولقاءات مفتوحة ومخيمات تعليمية يديرها أعضاء من فريق «مسبار الأمل».
المبادرة الجديدة محصلة جهد مشترك بين وكالة الإمارات للفضاء، ومركز محمد بن راشد للفضاء، وهي خطوة تُكسب التعليم في الدولة أبعاداً جديدة، وتجعل منه تجربة عامرة بالدهشة والحيوية والتجدد والشغف، وتثير الفضول إلى مزيد من المعرفة، وتخرج بالطلبة من فكرة قاعات الدرس الضيقة والمنعزلة إلى سياقات تتيح لهم تفاعلاً أكبر مع العالم وانخراطاً في أحدث ما يشهده من تطورات في المجالات العلمية الرفيعة وأكثرها اتصالاً بالمستقبل، ومساعدتهم على استكشاف ميولهم واهتماماتهم واختيار الحقول العلمية التي يمكن لهم الإجادة والإبداع فيها، وحفزهم إلى المزيد من التعلم الذاتي الذي يمثل ضرورة لا غنى عنها للكوادر البشرية في الاقتصاد القائم على المعرفة.
ومما لا شك فيه، أن إتاحة الفرصة للطلبة للاطِّلاع على تفاصيل رحلة «مسبار الأمل»، ومسيرة تطويره التي شارك فيها مهندسون وعلماء من مواطني الدولة، بحسب ما هو مخطط له ضمن فعاليات مبادرة «جيل الأمل»، تحمل رسالة إلى كل هؤلاء الطلبة، بأنهم قادرون على أن يكونوا بعد سنوات قليلة في المكان نفسه الذي أدى فيه شباب إماراتيون لا يزيدون عنهم كثيرًا في العمر، واجبهم بكفاءة وإخلاص، وحققوا مع إطلاق «مسبار الأمل» نجاحاً أسهم في وضع اسم الإمارات ضمن قائمة محدودة من الدول صاحبة الإنجاز في قطاع علمي متقدِّم مثل قطاع الفضاء. وقد أفاد مسؤولون في مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ بأنهم لاحظوا ارتفاعاً في أعداد الطلبة الذين يتقدمون إلى «برنامج أبحاث علوم الفضاء للطلبة الجامعيين» الذي ستُعقد دورته السابعة في الصيف المقبل، وكان البرنامج دافعاً لبعض الملتحقين لاختيار الفضاء مجالاً لدراستهم، وهو ما يلبي احتياجات الدولة البشرية في هذا القطاع المهم في الخطط المستقبلية للدولة، حيث قال صاحب السمو الشيخ محمد راشد آل مكتوم إن «قطاع الصناعات الفضائية تحول إلى عصب رئيس في المنظومة الاقتصادية لدولة الإمارات وفق مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للفضاء التي أطلقتها الحكومة في عام 2019».
وتتيح مبادرات «جيل الأمل» للطلبة في أعمار مبكرة أن يقتربوا من ثقافة البحث العلمي، وينخرطوا فيها على نحو يسير، ولاسيما مع وصول أعداد المستفيدين من مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ إلى 100 ألف طالب ومعلم شاركوا في البرامج التثقيفية والتعليمية. ويُعدُّ ترسيخ ثقافة البحث العلمي أحد الأهداف التي تقدَّمت الدولة خطوات على طريق تحقيقها، إذ خصصت الدولة للتعليم والتعليم العالي 9.6 مليار درهم في ميزانية العام المقبل 2021، تمثل 15.7 بالمئة من إجماليها، في إشارة إلى المكانة المتقدمة للتعليم والبحث العلمي في تحقيق طموحات الدولة وأهدافها الآنية والمستقبلية.

* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.