أصبح فيروس كورونا المستجد «كوفيد-19» أكثر شراسة في ظل الموجة الثانية لانتشاره التي ضربت كثيراً من دول العالم، وأجبرتها على العودة إلى العمل بإجراءات احترازية أشد صرامة، ومنها عمليات الإغلاق الكلي أو الجزئي للأنشطة الاقتصادية، وتقييد نمط الحياة الطبيعية التي كانت قد بدأت في العودة إلى طبيعتها بشكل تدريجي قبل حلول هذه الموجة.
ومع تعاظم خطر انتشار الفيروس، تعمل دولة الإمارات العربية المتحدة على تعزيز منظومة الإجراءات الاحترازية الخاصة بها وتمتينها، بحيث يتم حصار هذا الانتشار، كما حدث خلال الموجة الأولى، التي حققت فيها الدولة كثيراً من النجاحات والإنجازات، واستطاعت أن تتصدى بقوة لهذه الجائحة التي عاناها بشدة كثيرٌ من دول العالم، بما فيها تلك التي تمتلك أفضل النظم الصحية، ويعود ذلك إلى متانة البنية التحتية للقطاع الصحي في الدولة، وسرعة اتخاذها مجموعة من الإجراءات المتكاملة لحصار الفيروس، في وقت مبكر من انتشار الجائحة، وفق استراتيجية شاملة شاركت فيها كل مؤسسات الدولة المعنية.
وتدرك دولة الإمارات أهمية مواصلة تعزيز منظومة الإجراءات الاحتياطية المعمول بها في الدولة لحصار «كوفيد-19»، وتؤكد مراراً وتكراراً الضرورة القصوى لعدم التهاون في مواجهة الجائحة، وتقوم باتخاذ عقوبات صارمة في حق من يخالفون هذه الإجراءات لأنهم لا يضرون أنفسهم فقط، بل الآخرين أيضاً، ويؤثر سلوكهم غير المسؤول بشكل سلبي في الجهود المكثفة المبذولة من قبل الجهات المعنية في الدولة للحفاظ على صحة الأفراد وسلامة المجتمع.
وفي ظل العمل المتواصل لحصار انتشار الفيروس للخروج بسلام من خطر الموجة الثانية، تم الإعلان خلال الإحاطة الإعلامية الأخيرة التي عقدتها حكومة الإمارات لعرض المستجدات والجهود المبذولة للحد من انتشار جائحة «كوفيد–19»، عن إصدار دليل الإجراءات الاحترازية والوقائية للأنشطة المختلفة والاحتفالات الوطنية في ظل الجائحة.
ويتضمّن الدليل مجموعة من الإرشادات المتكاملة والتعليمات المشددة للقضاء على فرص انتشار الفيروس خلال هذه المناسبات التي يجب الاحتياط فيها بشكل قوي للغاية، لما يمكن أن تشكله من خطورة كبيرة. ومن هذه الإرشادات أن على مقيمي الحفلات الموسيقية الحصول على موافقة الجهات المختصة، مع تطبيق الإجراءات الاحترازية والوقائية كافة، وإلغاء الاحتفالات في مقار العمل، والاقتصار على تعليق الأعلام وتركيب اللافتات، بالإضافة إلى منع التجمعات العشوائية في أثناء مشاهدة العروض مثل الألعاب النارية.
ويشمل الدليل كذلك مجموعة من الضوابط التي تندرج ضمن 5 محاور أساسية تشمل: الصحة العامة، والتباعد الجسدي، واللوائح والسياسات، والتكنولوجيا الرقمية، والتعقيم والتنظيف، ومن أبرز هذه الضوابط في المحاور الخمسة المذكورة ضرورة الالتزام بارتداء الكمامات، وأهمية الحفاظ على مسافة مترين بين الأشخاص، ومنع إقامة الحفلات والتجمعات الخاصة، وعدم السماح بإقامة المسيرات، وتفعيل برامج الاحتفال عن بُعد، وتشجيع الحجز الإلكتروني للفعاليات المعتمدة، وضرورة التنظيف والتعقيم المستمر كل ساعة/ ساعتين/ 3 ساعات/ 4 ساعات/ لمرة واحدة يوميًّا للمرافق العامة كافة.
ومما لا شك فيه أن هذه الإجراءات الاحتياطية الخاصة بتنظيم الأنشطة المختلفة والاحتفالات الوطنية، التي ستحل قريباً، ومنها مناسبتان وطنيتان غاليتان على قلوبنا جميعاً، وهما يوم الشهيد واليوم الوطني الـ49 للدولة، إضافة إلى احتفالات رأس السنة الميلادية، وميلاد السيد المسيح عليه السلام في نهاية العام الجاري، تؤكد عزم مؤسسات الدولة المختلفة على مواصلة تصديها بشكل حاسم لجائحة «كوفيد-19»، وهي قضية مهمة للغاية، للحفاظ على المكتسبات التي حققتها الدولة في مكافحة الجائحة، التي يبدو أن العالم بات على موعد قريب مع التخلص منها، في ظل توالي الأخبار المبشّرة فيما يخص عملية إنتاج لقاحات مضادة للفيروس.
إن دولة الإمارات حريصة للغاية على تعزيز منظومتها الاحترازية لمكافحة «كوفيد-19» وفي ظل ما تبذله المؤسسات المعنية من جهود متواصلة ودؤوبة، يجب أن يقوم الأفراد بدورهم المنشود في هذا السياق، وليكن شعار «نلتزم لننتصر» هو الحاكم بالفعل لكل سلوكياتنا؛ حتى نخرج بسلام من هذه المرحلة الخطِرة التي يضرب فيها الفيروس بشدة كثيراً من دول العالم. 

* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.