لم يقتصر النجاح الذي حققته المسيرة التنموية الشاملة لدولة الإمارات العربية المتحدة على إنجاز نموذج فريد للتنمية بات محطَّ إعجاب وتقدير شديدين من دول العالم كافة، في ظل ما حققته الدولة من مكاسب اقتصادية وإنجازات كبيرة ومتتالية؛ بل إضافة إلى ذلك، وبالتزامن معه، تقدّم الإمارات نموذجًا لدولة السلام والتعايش والانفتاح على ثقافات وحضارات الأمم والشعوب كافة، ومن ثم فلا عجب أن تحتضن الدولة أشخاصًا ينتمون إلى أكثر من 200 جنسية يعيشون جميعًا برغم اختلافاتهم العرقية والدينية والمذهبية وخصوصياتهم الثقافية في وئام وتوافق تحت مظلة دولة القانون التي لا تميز ضد أي أحد وفقًا لأي اعتبار كان. 
ولا تترك القيادة الرشيدة لدولة الإمارات فرصة لتأكيد أهمية قيم التسامح والتعايش المشترك والقبول بالآخر والانفتاح عليه ورسوخ هذه القيم في دولة الإمارات إلا وتعبّر بها عن دعمها لذلك كله، وهذا ما أكده صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، خلال تسلم سموه، أول من أمس، أوراق اعتماد عدد من سفراء الدول الشقيقة والصديقة، بقصر الوطن في العاصمة أبوظبي، حيث خاطبهم سموه قائلًا: «أنتم في دولة السلام والتعايش.. سوف تحاطون وعائلاتِكم بكل مظاهر الترحيب والعيش الكريم الآمن في كنف مجتمع متسامح ومتعدد الثقافات والأعراق حيث يعيش الجميع بتناغم وانسجام وتواصل إنساني لا مثيل له..». 
وفي الواقع، فإن نجاح دولة الإمارات العربية المتحدة في أن تكون نموذجًا للسلام والتعايش تقف خلفه حزمةٌ من العوامل الرئيسية، لعل في مقدمتها ما يتمتع به المجتمع الإماراتي من سيادة القيم الدينية والعربية الوسطية والأصيلة التي تدعو إلى الحوار بديلا عن العنف، وإلى القبول والانفتاح على الآخر بديلا عن الانغلاق والتقوقع على الذات، وترفض بشكل قاطع كلَّ صور الترهيب، فضلا عما تتمتع به الدولة من منظومة قانونية راسخة تجرّم بشكل قاطع كل أشكال العنصرية والتمييز، وترسخ القبول المشترك للخصوصيات الثقافية لكل مكونات المجتمع مهما كانت اختلافاتها، وتكرس الحرية الشخصية للأفراد والمجموعات العرقية والدينية والثقافية والمذهبية، وغيرها، لذا صارت الإمارات قِبلةَ الباحثين عن حياة كريمة من مختلف دول العالم، ونجحت في تأسيس مجتمع عنوانه التسامح والتعايش وقبولُ الآخر. 
ولا تقتصر جهود دولة الإمارات لترسيخ قيم التسامح والتعايش المشترك والتآخي والقبول بالآخر على داخل الدولة، بل تعمل الإمارات بشكل دؤوب على ترسيخ هذه القيم على الصعيد الدولي، لجعلها أساس التعاون والتفاعل بين الأمم والشعوب والدول المختلفة، لإيمانها بوحدة المصير الإنساني، وتمثل وثيقة الأخوّة الإنسانية التي صدرت عن المؤتمر العالمي للأخوّة الإنسانية، الذي عُقد في فبراير 2019 واستضافته دولة الإمارات ونظّمه «مجلس حكماء المسلمين» بهدف تفعيل الحوار حول التعايش والتآخي بين البشر وسبل تعزيزه عالميًّا، ووقعه كلٌّ من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، وقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، أحدَ المعالم البارزة لهذه الجهود، وتهدف هذه الوثيقة إلى تأسيس مجتمع دولي يقوم على التعاون المشترك، ونبذ العنف بمختلف أشكاله، وإدانة التطرف والإرهاب اللذين قد يُرتكَبا تحت مزاعم دينية. 
ولا شك أن نموذج دولة الإمارات في التسامح والتعايش واحترام الثقافات المغايرة، وهو نموذج رافق الدولة منذ تأسيسها قبل نحو نصف قرن، يعد إضافة هائلة إلى رصيد القوة الناعمة الذي تتمتع به الدولة، وهو ما أسهم بشكل فاعل في تكريس صورة ذهنية ناصعة عن الدولة لدى الشعوب الأخرى، حيث باتت الإمارات في مخيلة هذه الشعوب نموذجًا للانفتاح والتآخي واحترام الخصوصيات الثقافية المتباينة، وهذا هو الواقع فعلًا الذي يتكرس بشكل مستمر، وتعمل القيادة الرشيدة بشكل دؤوب على تكريس هذا النموذج من خلال مبادرات وفعاليات متواصلة وتأكيده في المناسبات المختلفة وتعزيز حضوره، الأمر الذي يزيده رسوخًا وتوهجًا مع مرور الوقت.

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية