مع تواتر الأخبار حول إظهار فعالية مدهشة لعدد من التطعيمات، واحداً تلو الآخر، في تحقيق الوقاية والمناعة، بدأت الاستعدادات الفعلية لتوزيع تلك التطعيمات على المستشفيات والمراكز الصحية، حيث يتوقع أن تحصل تلك المنشآت على أولى الشحنات، في غضون يوم أو اثنين على الأكثر، من موافقة الجهات الصحية في الدول المعنية للتصريح بالاستخدام الطارئ، والمتوقع أن يصدر أولها في الأسبوع الثاني من شهر ديسمبر المقبل.
استعداداً لهذه المرحلة، وفي ظل أن السعة الإنتاجية في البداية لن تكفي لتطعيم الجميع، اتفق الأطباء والعلماء وواضعو السياسات في نظم الرعاية الصحية على وضع قائمة بالفئات الأوْلى بتلقي الجرعات الأولى من التطعيمات، على رأس هذه القائمة أفراد الطاقم الطبي، خصوصاً أولئك الذين يوفرون الرعاية لمرضى «كوفيد-19» بشكل يومي، ومعهم العاملون في دور رعاية المسنين والعجزة، وباقي القطاعات التي توفر خدمات صحية واجتماعية لكبار السن، يلي هؤلاء في القائمة كبارُ السن، خصوصاً من بلغوا أو تجاوزوا العقد السادس من العمر، يليهم الأشخاص المصابون بأمراض مزمنة، تزيد من خطر إصابتهم بالمضاعفات الخطيرة للمرض، مثل داء السكري، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب والشرايين، وأمراض الرئتين المزمنة.
وتحسباً لاحتمالية أن العديد من الدول، وبالتحديد الفقيرة وذات الدخل المتوسط، قد تُدفع إلى ذيل القائمة، كون الكثير منها لن يتمكن من توفير المصادر المالية اللازمة للشراء المقدم لمئات الملايين من الجرعات، فقد شرعت العديد من المنظمات العاملة في مجال الصحة العامة الدولية، مثل منظمة الصحة العالمية والتحالف الدولي للابتكار في الاستعداد للأوبئة (CEPI) ومؤسسة «بيل وميلندا جيتس»، في إنشاء تحالف دولي وتخصيص ميزانيات بالمليارات لتوفير وتوزيع التطعيمات على الدول الفقيرة ومتوسطة الدخل، كما قامت الدول الغنية بتوفير دعم بالمليارات لهذا الصندوق أو التحالف الدولي المعروف باسم (COVAX)، انطلاقاً من إدراكها أن تحقيق الأمان للبعض يتطلب تحقيق الأمان للجميع. حيث أظهر الوباء الحالي أن الفيروسات والجراثيم لا تعترف بالحدود السياسية أو الجغرافية، وأنه في مواجهة الأوبئة، جميع أفراد الجنس البشري في قارب واحد.