تحتفي دولة الإمارات العربية المتحدة في كل عام بيوم الشهيد، ويصادف هذا الأسبوع من عام 2020، هذه الذكرى المجيدة التي يتم فيها تخليد وتذكر الرجال من أبناء هذا الوطن، الذين قدموا أنفسهم فداءً له وخدمة لقضاياه.
وقد بدأت قوافل الشهداء تتواتر منذ الأيام الأولى لقيام الدولة الإمارات عندما سقط ثلاثة شهداء من أبناء الإمارات الأحرار الأبرار على أرض جزيرة طنب الكبرى أثناء الغزو والاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية الثلاث أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى، ثم استمرت القافلة تسير كلما شاركت الدولة في نصرة قضية عادلة من قضايا المنطقة والقضايا العالمية المهمة.
ومنذ ثمانينيات القرن العشرين أسهمت الدولة إسهاماً رائعاً في قضايا عدة منها حماية المسلمين في البوسنة والهرسك وحرب تحرير الكويت، والتصدي للاعتداء الحوثي - الإيراني على الشرعية في اليمن، هذا بالإضافة إلى قضايا إقليمية وعالمية أخرى، أهمها مكافحة الإرهاب ومكافحة الاتجار في المخدرات.
وتقديم دولة الإمارات الشهداء من أبنائها لا يأتي من فراغ، بل من إيمان الدولة وقيادتها الرشيدة بأن من واجبها التصدي لكل ما يمس أمن الوطن وأمن المنطقة، سواء على الصعيد الخليجي أو الصعيد العربي العام، أو الأمن العالمي.
وهذا الإيمان ينطلق من فكر ومنهج قويم مستمر تركز فيه الدولة الاتحادية على أدوار خارجية ترى أنه من واجبها الاضطلاع بها وتنطلق من مبادئ أساسية ثابتة اختطتها لنفسها مستمدة من يقينها بالحاجة إلى حماية شرعية الدول الوطنية القائمة في عالم اليوم إقليمياً وعالمياً ووجود عدالة كاملة في النظام العالمي القائم في عالم اليوم بما في ذلك ضرورة الالتزام بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول المستقلة القائمة ذات السيادة وإيجاد الحلول السلمية للمشكلات القائمة، سواء في داخل هذه الدول أو فيما بينها من خلال القوانين المحلية والقانون الدولي، وحماية الأقليات فيها ودعم المنظمات والهيئات الدولية العاملة في هذه المجالات، خاصة هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي التابع لها والمحاكم الدولية المختصة.
وفي إطار تخليد ذكرى شهداءها الأبرار توج الأمر بإصدار أمر سامي من حضرة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله ورعاه بأن يخصص يوم 30 من شهر نوفمبر في كل عام يوماً للشهيد في تزامن واقتران مع مظاهر احتفال الدولة الاتحادية بيوم العلم الذي مر علينا قبل أيام ومع الاحتفال باليوم الوطني لذكرى قيام الدولة الاتحادية.
وتنفيذاً لأمر رئيس الدولة السامي حفظه الله، اجتمعت الجهود الرسمية والشعبية مع بعضها البعض، لكي تقوم بكل ما يمكن بذله من جهود لكي يتحقق الأمر، وتم توفير كافة الإمكانيات المادية والبشرية، لكي تتحقق عملية الاحتفاء وتخرج في أكمل صورة.
الهدف الأساسي الأسمى من هذا الاحتفاء السنوي، هو تكريم أرواح قافلة الشهداء الذين سقطوا في أرض المعارك أو في ساحات الدفاع عن كرامة ومصالح ومبادئ هذه الأرض الطيبة الذين ضحوا بأرواحهم ودمائهم وأنفسهم وهم يدافعون عن الخير والحق والعدل وإنصاف المظلومين ونصرتهم، فهذه جميعها قضايا ومسائل من شيم العرب الأحرار الأقحاح الذين لا يرون ضعيفاً حتى سندوه، ولا مظلوماً حتى هرعوا إلى إنصافه ولا ظالماً أو معتدياً حتى تصدوا له وقهروه وأوقفوه عند حده.
ويضاف إلى جميع ذلك أن دولة الإمارات صارت إحدى دول العالم المتقدم التي لديها مصالح في كل مكان على هذه البسيطة، وأكثر هذه المصالح أهمية ويجب الدفاع عنها بكل ما هو غال ونفيس تقع ضمن نطاقنا الإقليمي الضيق، وهو الخليج العربي والجزيرة العربية.
وعندما نقدم شهداءنا لحماية مصالحنا الحيوية ضمن محيطنا الخليجي، إنما نحن نقوم بواجبنا في أقصى قمته وكل من ينتقدنا في ذلك لا يقصد بنا خيراً ولا يريد منا أن نحقق الخير لأنفسنا.
رحم الله أرواح شهدائنا الأبرار وأسكنهم فسيح جناته مع شهداء الأمة الآخرين والأنبياء والصديقين، ونحن على درب الحق والخير والهدى ماضون.
*كاتب إماراتي