لم يحدث من قبل أن مُنحت إحدى جوائز نوبل لعدد كبير غير معلوم من العلماء والباحثين. تُمنح بعض هذه الجوائز أحياناً لاثنين أو لثلاثة أو أربعة في حالات نادرة. غير أن التفكير في تجاوز هذه القاعدة يصح أن يكون ضمن جدول أعمال اللجنة التي تمنح جائزة الكيمياء 2021 على سبيل الاستثناء.
يستحق العلماء والباحثون الذين تفرغوا من أجل اكتشاف لقاحات واقية من فيروس كورونا تكريماً من هذا النوع. لن يحصل أحد منهم بطبيعة الحال على أي جزء من قيمة الجائزة المالية، التي يمكن تخصيصها لدعم توزيع بعض اللقاحات في البلدان الأكثر فقراً. لكن المهم هو التكريم المعنوي الذي يستحقه مَن نذروا أنفسهم لعمل علمي كبير يهدف إلى إنقاذ البشر ليس من فيروس قاتل فقط، بل من تداعياته الاقتصادية والاجتماعية أيضاً.
غير أن جهدهم الرائع وتفانيهم المقدَّر، لا يمنعان إثارة أسئلة مطروح بعضها في أوساط قطاعات من المجتمعات في دول عدة، بما في ذلك بعض الأطباء المتخصصين في أمراض المناعة، وغيرهم. وتدور هذه الأسئلة حول مدى كفاية الوقت القصير الذي كثَّف علماء وباحثون عملهم خلاله لابتكار لقاحات واقية من فيروس كورونا، وحدود الآثار المترتبة على اضطرارهم إلى اختزال البروتوكول العلمي المعتمد في هذا المجال، استجابةً لحاجة مُلحة لم يعرف العالم مثلها منذ أن بلغ تقدم العلم مبلغه الراهن.
لا ترتبط هذه الأسئلة، والحال هكذا، بسرعة إنتاج اللقاحات التي يحصل أي منها على رُخصة الاستخدام الطارئ، وتوزيعها بشكل مُنصف، وأسعار بيعها، وكيفية نقلها من المصانع التي تُنتجها، ومن ثم الشبكات الكبرى اللازمة لهذا الغرض، فضلاً عن ضمانات تخزينها بطريقة آمنة، وغيرها مما يُتداول على نطاق واسع.
ثمة نوع آخر من الأسئلة التي يتعين وجود إجابات مقنعة عنها من أجل بناء أعلى مستوى ممكن من الثقة في لقاحات جرى تطويرها، ولا يزال، في ظرف استثنائي. الثقة هي مفتاح نجاح التفاعلات بين مختلف الفئات في المجتمع والعالم، وليس بين المنتجين والمستهلكين فقط. 
ولعل السؤال الأكثر تداولاً هو عن كيفية تحقيق التوازن «الذهبي» بين المقدار الضروري من التقاليد العلمية اللازمة، والاضطرار إلى اختصار بعض جوانب البروتوكول الذي يتضمن هذه التقاليد، ومن ثم تقليل عدد الأشخاص الذين تُجرى عليهم تجارب المرحلة الثالثة، وهل يكفي الاعتماد فيها على الدفعات الأولى من المتطوعين لتغطية مختلف الفئات، سواء من حيث الأجيال، والمناطق (حضرية وريفية)، والحالات الصحية، وغيرها.
وما يجعل هذا السؤال أكثر تداولاً وجود شواهد على سباق بين دول، ومثله بين شركات كبرى، في هذا المجال. هذا السباق ليس عيباً في ذاته. فمن الطبيعي أن يحدث تنافس لنيل شرف السبق في إنتاج لقاح واقي يُرجى أن يكون مُنقذاً للبشر. غير أن لأي تنافس، سواء أخذ شكل مسابقة منظمة أو لم يأخذ، قواعد في مقدمتها الشفافية. وربما يجوز القول إن عدم توفر هذه القاعدة بمستوى مُرض حتى الآن هو الذي يثير الأسئلة المقترنة بإعلان بعض الشركات أنها صارت جاهزة لتصنيع لقاحات.
وإذا كان المعياران الأساسيان لنجاح أي لقاح هما الفاعلية والأمان، فمن الطبيعي أن يُثار سؤال عن أيهما أُعطيت له أولوية أو حظي باهتمام أكبر. وإذا كان الجواب أن الحرص عليهما متساو، فلابد من شرح كيفية تحقيق ذلك، وبالتالي نشر البيانات التفصيلية الخاصة بتطوير اللقاح، وإتاحتها بلغات مختلفة. 
ومن شأن توفير هذه البيانات أن يساعد في الإجابة عن أسئلة مهمة تتعلق بطريقة عمل كل لقاح، وشرح آثاره المتعلقة بالجينات في حال وجودها (أي الآثار)، لأن هذا موضوع يثير شكوكاً، ويستخدمه الغارقون في «نظريات المؤامرة» لمزيد من التشكيك في سلامة تعاطى لقاح أو آخر.
ولكن هناك، أيضاً، أسئلة جادة عن آثار اللقاحات الفعلية. وعلى سبيل المثال، هل يحمي اللقاح جميع الأشخاص الذين يُلقحون به من الفيروس بشكل كامل لفترة معينة، أم يقتصر على منع المضاعفات الخطيرة للإصابة به في بعض الحالات؟ وهل يمكن أن يُصاب بعض المُلقحين من دون أن تظهر لديهم أعراض؟ وهل يمكن أن يُنقل الفيروس من هؤلاء إلى مَن لم يُلقحوا؟
هذه، وغيرها، أسئلة يمكن توسيع نطاق الثقة في لقاحات كورونا عن طريق الإجابة عنها بطريقة شفافة، وبالتالي مُقنعة، على نحو يُزيل أي شكوك، ويضع حداً لأي محاولات تشكيك.